للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنَّ مَنْبَتَ هاتين الشجرتين حقيقٌ بأن يكون من جملة البقاع الفاضلة الشريفة، فيكون الإقسامُ قد تناول الشجرتين ومنبتَهُما، وهو مَظْهَر عبدِ اللهِ ورسولِه وكلمتِه وروحِه: عيسى بن مريم، كما أنَّ "طُور سينين" مَظْهَرُ عبدِهِ ورسولِهِ وكليمِهِ: موسى، فإنَّه الجبلُ الذي كلَّمَهُ عليه وناجاه، وأرسله إلى فرعون وقومه.

ثُمَّ أقسم بـ "البلد الأمين" - وهو مكة - مَظْهَرِ خاتم أنبيائِه ورسلِه، وسيِّدِ ولدِ آدم.

وترقَّى في هذا القَسَم من الفاضل إلى الأفضل، فبدأ بموضع مَظْهَر المسيح، ثُمَّ ثنَّى بموضع مَظْهَر الكليم، ثُمَّ ختم بموضع مظهر عبده ورسوله، وأكرم الخلق عليه.


= التنزيل، ولا من قول من لا يجوز خلافه؛ لأنَّ دمشق بها منابت التين، وبيت المقدس به منابت الزيتون". "جامع البيان" (١٢/ ٦٣٣).
وما ذهب إليه ابن جرير - من أنَّ المراد بهما نفس الشجرتين المعروفتين - هو قول أكثر السلف، وهو منقول عن: ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، وإبراهيم النخعي، وعطاء، وجابر بن زيد، ومقاتل، والكلبي. واختاره جماعة من المفسرين منهم القرطبي في "الجامع" (٢٠/ ١١١).
وما ذهب إليه ابن القيم منقول عن: كعب الأحبار، وعكرمة وغيرهما، وبه تتضح المناسبة بينه وبين ما بعده من الأماكن التي أقسم بها، ويكون "الكلام على هذا إمَّا: على حذف مضافٍ، أو على التجوُّز بأن يكون قد تجوَّز بالتين والزيتون عن منبتيهما، وشاع ذلك"، وهذا اختيار جماعةٍ من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية في "الجواب الصحيح" (٥/ ٢٠٤).
وانظر: "روح المعاني" (١٥/ ٣٩٤)، و"محاسن التأويل" (٧/ ٣٤٨)، و"التحرير والتنوير" (١٥/ ٤٢٠ - ٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>