للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فما وجه الارتباط بين هذه الثلاثة المُقْسَم بها؟

قيل: هي - بحمد الله - في غاية الارتباط، والإقسامُ بها متناوِلٌ لكلِّ موجودٍ في الدنيا والآخرة، وكلٌّ منها آيةٌ مستقلَّةٌ دالَّةٌ على ربوبيته وإلهيَّته.

فأقسَمَ بالعالم العُلْويِّ، وهو السماء وما فيها من البروج، التي هي أعظم الأمكنة وأوسعها.

ثُمَّ أقسَمَ بأعظم الأيام وأَجَلِّها قدرًا، الذي هو مَظْهَرُ مُلْكِهِ، وأمره، ونهيه، وثوابه، وعقابه، ومجْمَعُ أوليائه وأعدائه، والحكم بينهم بعلمه وعدله.

ثُمَّ أقسَمَ بما هو أعمُّ (١) من ذلك كلِّه (٢)، وهو "الشاهد" و"المشهود". وناسَبَ هذا القَسَم ذِكْرَ أصحابِ الأخدود الذين عَذَّبُوا أولياءَهُ، وهم شهودٌ على ما يفعلون بهم، والملائكةُ شهودٌ عليهم بذلك، والأنبياءُ، وجوارحُهم تشهد به عليهم.

وأيضًا؛ فـ "الشاهد" هو: المُطَّلِعُ، والرقيبُ، والمخبِرُ. و"المشهود" هو: المُطَّلَعُ عليه، المخبَرُ به، المُشَاهَدُ.

فمن نوَّعَ الخليقةَ إلى شاهدٍ ومشهودٍ وهو أقدر القادرين، كما


= جمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
وانظر بقية الأقوال في: "المحرر الوجيز" (١٥/ ٣٨٥ - ٣٨٧)، و"زاد المسير" (٨/ ٢١٦ - ٢١٧)، و"الجامع" (١٩/ ٢٨١ - ٢٨٤).
(١) في (ز): أعظم.
(٢) ساقط من (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>