للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ذبحه عن غيره فقد رويناه، ومن الطبخة على أنها غير واجبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن العقيقة فقال: (لا أحب العقوق) كأنه كره الاسم. وقال: (من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فليفعل) فلما علق رسول الله صلى الله عليه وسلم بإرادة المولود له ومحبته دل على أنها غير واجبة، ولهذا قلنا الأضحية غير واجبة. فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئًا) فعل ذلك إرادة المضحي واختياره.

فإن قيل: فمن أين لكم أنها سنة مستحبة: قيل له: من أنه سماه نسكًا، وأدنى أحوال النسك أن يكون مستحبًا. فإن احتج محتج لا يجاب هذا النسك بها. روى أن عمر بن شعيب رضي الله عنه كان يحدث عن أبيه عن جده، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال: (لا أحب العقوق) كأنه كره الاسم. قالوا: يا رسول الله أنا نسألك عن أحدنا بولده. قال: (من أحب أن ينسك من ولده فليفعل على الغلام شاتان متكافأتان وعن الجارية شاة) وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الغلام مرتهن بعقيقته، فأهريقوا عنه الدم، وأميطوا عنه الأذى).

قيل له: قد روينا من الحديث ما أبان أن هذا النسك سنة ورواية من روي (على الغلام شاتان وعلى الجارية شاة) غلط منه. وإنما المشهور عن الغلام وعن الجارية. والعلماء على خلاف تلك الرواية مجتمعون بأن ظاهرها دم العقيقة على المولود، وليس أحد من العلماء يقول كذلك وإنما يرى من يقول بالوجوب أنه على المولود، وليس ذلك في الحديث. وإن ارتكب مرتكب وزعم أنه على المولود ولزم أباه أن يتحمل عنه من يقبل ذلك منه، لأن الأغلب الذي لا يكاد يوجد غيره، أن كل مولود فإنما يولد عازبًا عن الملك، لا يجوز أن يكون تخلصه من بطن أمه سببًا لوجوب مال عليه، وهو لا مال له.

<<  <  ج: ص:  >  >>