للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله (كل غلام مرتهن بعقيقته) فلا دليل فيه على أن الوجوب كان. معنى ذلك، أنه لا ينبغي أن يخلق ما لم يذبح عنه. والخلق ليس بقرض. حتى إذا كان وقته بعد الذبح لزم أن يذبح عنه لأجله وأما أنه مرتهن في قبره، فقد خسرنا معناه أنه محبوس عن أبيه أن لا يمكن من الشفاعة له. وهذا أيضًا لا يدل على الوجوب، لأن أباه إذا كان لا يخشى من ترك الذبح عنه أكثر من أن تفوته شفاعة نبيه صلوات الله عليه. وإن فاتته شفاعة ولده، فثبت بذلك أن لا دلالة في هذا الحديث على الوجوب.

وأما من ذهب إلى أن العقيقة جائزة وليست بسنة يندب الناس إليها، فهي الحجة عليهم سوى الأخبار التي تقدمت روايتها. وهو أن الذبح عن المولود فطر له قربة إلى الله عز وجل، فهو كالتضحية التي تكون من المضحي نظرًا لنفسه وقربه إلى الله عز وجل. وكلام جمعت إراقته نظرًا للمراق عنه وقربه إلى الله عز وجل، فإن إراقته سنة كالهدي والأضحية والله أعلم.

واحتج محتج بما زعم أنه يروى عن فاطمة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم (أعق عن الحسن والحسين. فقال: لا، ولكن احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره). وما روي عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تستحب الزكاة كل صدقة في القرآن. ونسخ صوم رمضان كل صيام. ونسخ غسل الجنابة كل غسل. ونسخ الأضحى كل ذبح). قال: فدل هذا الحديث على أن النسك بدم العقيقة منسوخ.

فالجواب: أنا قد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عق عن الحسن والحسين، فقد يحتمل أن فاطمة رضي الله عنها ظنت أن ذبح النبي صلى الله عليه وسلم عن ولدها كان زيادة فضل لا تسقط بها سنة العقيقة التي تخاطب الوالدين بها، فقالت: أأعقق؟ فقال: لا. لأن ذبحه قد ناب مناب ذبحها وزاد. وقد يجوز أن تكون سأل عن ذلك قبل أن يعق النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لا. لأنه كان في نفسه أن يعق عنه من عنده. ويكون معنى قوله (احلقي رأسه،

<<  <  ج: ص:  >  >>