للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتصدقي) إن الذبح مني، والحلق والصدقة منك. وإذا احتمل الحديث ذلك لم يجز ترك سنة مستفيضة بمثله.

وفيه جواب آخر يذكر بعد هذا إن شاء الله. وأما نهاية من روى أن الأضحية تستحب كل ذبح، فإن معناه- إن ثبت- إنها تستحب كل ذبح كان في مثل معناها.

وليس دم العقيقة بمنزلتها، لأن الأضحية قربة يفديها المضحي عن نفسه، ولها وقت معلوم لا يجوز في غيره. وأما دم العقيقة، فإن المولود له، يريقه عن الولد لا عن نفسه موفيه السابع من الولادة مما بعده. وإذا لم تكن الأضحية بقصدها، وما يراد بها آيبة على دم العقيقة بعد أن نسخته، فالسنة أن تكون ما نسخته الأضحية هو الفرع والغيرة. فقد كان الأمر بهما واقعًا في أول الإسلام ثم نسخًا. والعقيقة بتا من الأضحية في قصدها، فهي من النسخ بمعزل.

روى عن جحيف بن سليم رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (على أهل كل بيت من المسلمين أضحية وعتيرة. تدرون ما العتيرة التي تقولون: الرجبية). ثم نسخ هذا الحديث بما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا فرعة ولا عتيرة). فلئن كان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نسخت الأضحية كل ذبح) فإنما أراد هذين، دون العقيقة.

وقال بعض العلماء: إنما ينسخ الشيء بما يتأخر عنه لا ما يتقدمه. والتضحية أمر متقادم كان في أول عهد إبراهيم صلوات الله عليه، وجرى المسلمون عليه في أول الإسلام، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين لا ينزل إلا ضحى. فأما العقيقة فإنما أمر بها بعد تقدمه المدينة بسنين. وعق عن الحسن والحسين أيضًا بعد تقدمه المدينة بسنين، ثم عمل كبار الصحابة، وتوارثه علماء المدينة بسنين. وقال سعيد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>