للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَلَى ظَاهِرِهَا لَكَانَ الْعَالِمُ بِقَلْبِهِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَحِقًّا لِلْجَنَّةِ, وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ بِلِسَانِهِ وَلَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِقْرَارِ بِهِ, وَلَا آمَنَ بِقَلْبِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِالْإِيمَانِ بِهِ, وَلَا عَمِلَ بِجَوَارِحِهِ شَيْئًا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ, وَلَا انْزَجَرَ عَنْ شَيْءٍ حَرَّمَهُ اللَّهُ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَسَبْيِ ذَرَارِيهِمْ وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ وَاسْتِحْلَالِ حَرَمِهِمْ, فَاسْمَعِ الْخَبَرَ الَّذِي ذَكَرْتَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا حَمَلَتِ الْمُرْجِئَةُ الْأَخْبَارَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَلَى ظَاهِرِهَا١.

ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ" ٢. وَحَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ وَأَنِّي نَبِيُّهُ صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ -وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى فِلْذَةِ صَدْرِهِ- حَرَّمَ اللَّهُ لَحْمَهُ عَلَى النَّارِ" ٣, وَحَدِيثُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ مَاتَ وَهُوَ يُوقِنُ بِقَلْبِهِ أَنَّ اللَّهَ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ قَائِمَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ" قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: "إِمَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ" وَإِمَّا قَالَ: "نَجَا مِنَ النَّارِ"٤, كَيْفَ جَازَ لِلْجَهْمِيِّ الِاحْتِجَاجُ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ أَنَّ الْمَرْءَ يَسْتَحِقُّ الْجَنَّةَ بِتَصْدِيقِ الْقَلْبِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَبِأَنَّ اللَّهَ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ قَائِمَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ, وَيَتْرُكُ الِاسْتِدْلَالَ بِمَا سَنُبَيِّنُهُ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ مَعْنَى هَذِهِ الْأَخْبَارِ, لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَحْتَجَّ جَاهِلٌ لَمْ يَعْرِفْ دِينَ اللَّهِ وَلَا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ بِخَبَرِ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ عَلِمَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَاجِبٌ دَخَلَ الْجَنَّةَ" ٥.


١ التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل "ص٣٤٦-٣٤٧".
٢ ابن خزيمة في التوحيد "ص٣٤٧" وقد تقدم تخريجه.
٣ ابن خزيمة في التوحيد "ص٣٤٨" والطبراني في الكبير "١٨/ ١٢٤/ ح٢٥٣".
قال الهيثمي: وفي إسناده عمر بن محمد بن عمر بن معدان واهي الحديث المجمع "١/ ٢٤" والحديث صحيح.
٤ ابن خزيمة في التوحيد "ص٣٤٩" وسنده صحيح.
٥ ابن خزيمة في التوحيد "ص٣٥٠" وأحمد "١/ ٦٠" والبزار "١/ ١٦٩/ ٣٣٥". وفيه عبد الملك بن عبيد السدوسي وهو مجهول قال الهيثمي: رواه عبد الله بن أحمد في زياداته: قلت: بل هو من رواية أبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>