للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحُثُّوا النَّاسَ عَلَى التَّمَسُّكِ بِدِينِهِمْ وَعَلَى النُّهُوضِ لِحَرْبِ الْأَسْوَدِ, فَقَتَلَهُ فَيْرُوزٌ الدَّيْلَمِيُّ عَلَى فِرَاشِهِ. قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَأَتَى الْخَبَرُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ السَّمَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا, فَقَالَ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُتِلَ الْأَسْوَدُ الْبَارِحَةَ, قَتَلَهُ رَجُلٌ مُبَارَكٌ" قِيلَ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: "فَيْرُوزٌ, فَازَ فَيْرُوزٌ" ١, فَبَشَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ بِهَلَاكِ الْأَسْوَدِ, وَقُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْغَدِ وَأَتَى خَبَرُ مَقْتَلِ الْعَنْسِيِّ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بَعْدَ مَا خَرَجَ أُسَامَةُ وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ فَتْحٍ جَاءَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ٢.

وَالْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ بَنُو حَنِيفَةَ وَرَئِيسُهُمْ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ, وَكَانَ قَدْ تَنَبَّأَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي آخِرِ سَنَةِ عَشْرٍ وَزَعَمَ أَنَّهُ اشْتَرَكَ مَعَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النُّبُوَّةِ, وَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مِنْ مُسَيْلِمَةَ رَسُولِ اللَّهِ, إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْأَرْضَ نِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لَكَ" وَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا" ثُمَّ أَجَابَ "مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ, وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" ٣.

وَمَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتُوُفِّيَ, فَبَعَثَ أَبُو بَكْرٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ فِي جَيْشٍ كَثِيرٍ حَتَّى أَهْلَكَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْ وَحْشِيٍّ غُلَامِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ الَّذِي قَتَلَ حَمْزَةَ بْنَ عَبَدَ الْمُطَّلِبِ بَعْدَ حَرْبٍ شَدِيدَةٍ, وَكَانَ وَحْشِيُّ يَقُولُ: قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَشَرَّ النَّاسِ فِي الْإِسْلَامِ٤.

وَالْفِرْقَةُ الثَّالِثَةُ بَنُو أَسَدٍ وَرَأْسُهُمْ طُلَيْحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ, وَكَانَ طُلَيْحَةُ آخِرَ مَنِ ارْتَدَّ


١ أخرجه سيف التميمي في الفتوح من طريق ابن عمر كما في الإصابة "٣/ ٢١٠" والبداية والنهاية "٦/ ٣١٠" وسيف متهم.
٢ البداية والنهاية "٦/ ٣٠٥".
٣ أحمد "٣/ ٤٨٧ و٤٨٨" وأبو داود "٣/ ٨٣-٨٤/ ح٢٧٦١" في الجهاد، باب في الرسل مختصرا. والطبراني كاملا كما في المجمع "٥/ ٣١٨" وسنده صحيح من حديث نعيم بن مسعود رضي الله عنه.
٤ انظر الاستيعاب لابن عبد البر "٤/ ٦٦٣" وقصة قتله مسيلمة ساقها البخاري في صحيحه "٧/ ٣٦٧-٣٦٨" في المغازي، باب قتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>