للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ, وَأَمَرَهُمْ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَنْ يَكْتُبُوهُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ, فَكُتِبَ لِأَهْلِ الشَّامِ مُصْحَفًا, وَلِأَهْلِ مِصْرَ آخَرَ, وَبَعَثَ إِلَى الْبَصْرَةِ مُصْحَفًا, وَإِلَى الْكُوفَةِ بِآخَرَ, وَأَرْسَلَ إِلَى مَكَّةَ مُصْحَفًا, وَإِلَى الْيَمَنِ مِثْلَهُ, وَأَقَرَّ بِالْمَدِينَةِ مُصْحَفًا, وَيُقَالُ لِهَذِهِ الْمَصَاحِفِ "الْأَئِمَّةُ" ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بَقِيَّةِ الْمَصَاحِفِ الَّتِي بِأَيْدِي النَّاسِ مِمَّا يُخَالِفُ مَا كَتَبَهُ فَحَرَقَهُ لِئَلَّا يَقَعَ بِسَبَبِهِ اخْتِلَافٌ١.

وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةٍ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ حَرَقَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ: لَوْ لَمْ يَصْنَعْهُ هُوَ لَصَنَعْتُهُ٢.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي عُثْمَانَ تَقُولُونَ حَرَقَ الْمَصَاحِفَ, وَاللَّهِ مَا حَرَقَهَا إِلَّا عَنْ مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَوْ وَلِيتُ مِثْلَ مَا وَلِيَ لَفَعَلْتُ الَّذِي فَعَلَ٣.

"مِنْهُ اسْتَحَتْ مَلَائِكُ الرَّحْمَنِ" كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَطَاءٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فَخْذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ, فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَتَحَدَّثَ, ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ, ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَوَى ثِيَابَهُ. قَالَ مُحَمَّدٌ -يَعْنِي ابْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ الرَّاوِي عَنْهُمْ- وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ, فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَدَخَلَ عُمَرُ وَلَمْ تُبَالِهِ, ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ. فَقَالَ: "أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ" ٤.


١ انظر البداية والنهاية "٧/ ٢١٦-٢١٧".
٢ الطيالسي وأبو بكر بن أبي داود في المصاحف "البداية والنهاية ٧/ ٢١٧" من حديث شعبة عن علقمة بن مرثد عن رجل عن سويد بن غفلة قال: قال لي علي ... وذكره. وفي سنده مبهم وباقي رجاله ثقات. وقد ذكر الرجل في الحديث الآتي وهو العيزار بن جرول. قال أبو حاتم في الجرح ثقة. لكن الحديث الآتي من طريق محمد بن أبان المعروف بمشك وقد ضعفه جماعة. انظر الجرح والتعديل "ت١١١٩" فالحديث يحتمل التحسين.
٣ البيهقي "البداية والنهاية ٧/ ٢١٧". انظر الحديث السابق.
٤ مسلم "٤/ ١٨٦٦/ ٢٤٠١" في فضائل الصحابة، باب من فضائل عثمان رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>