للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَاهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ لَابِسٌ مِرْطَ عَائِشَةَ, فَأَذِنَ لِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ, ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ, قَالَ عُثْمَانُ: ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَجَلَسَ وَقَالَ لِعَائِشَةَ: اجْمَعِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ فَقَضَيْتُ إِلَيْهِ حَاجَتِي ثُمَّ انْصَرَفْتُ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رسول الله ما لي لَمْ أَرَكَ فَزِعْتَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَمَا فَزِعْتَ لِعُثْمَانَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ وَإِنِّي خَشِيتُ إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ أَنْ لَا يَبْلُغَ إِلَيَّ فِي حَاجَتِهِ" ١.

"بَايَعَ عَنْهُ" حِينَ ذَهَبَ لِمَكَّةَ فِي حَاجَةِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمِينَ "سَيِّدُ الْأَكْوَانِ" مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "بِكَفِّهِ" ضَرَبَ بِهَا عَلَى الْأُخْرَى, وَقَالَ: "هَذِهِ لِعُثْمَانَ فِي بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ" لَمَّا غَابَ عَنْهَا فِيمَا ذَكَرْنَا, وَكَانَ انْحِبَاسُهُ بِمَكَّةَ هُوَ سَبَبُ الْبَيْعَةِ كما قال محمدبن إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ فِي السِّيرَةِ, ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِيَبْعَثَهُ إِلَى مَكَّةَ لِيُبَلِّغَ عَنْهُ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مَا جَاءَ لَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَخَافُ قُرَيْشًا عَلَى نَفْسِي, وَلَيْسَ بِمَكَّةَ مَنْ بَنِي عِدَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَنْ يَمْنَعُنِي, وَقَدْ عَرِفَتْ قُرَيْشٌ عَدَاوَتِي إِيَّاهَا وَغِلَظِي عَلَيْهَا, وَلَكِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى رَجُلٍ أَعَزُّ بِهَا مِنِّي, عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, فَبَعَثَهُ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ وَأَشْرَافِ قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِحَرْبٍ, وَأَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ زَائِرًا لِهَذَا الْبَيْتِ وَمُعَظِّمًا لِحُرْمَتِهِ. فَخَرَجَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى مَكَّةَ فَلَقِيَهُ أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهَا فَحَمَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ أَجَارَهُ حَتَّى بَلَّغَ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْطَلَقَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَانَ وَعُظَمَاءَ قُرَيْشٍ فَبَلَّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا أَرْسَلَهُ بِهِ فَقَالَ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ فَرَغَ مِنْ رِسَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِمْ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَطُفْ. فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ حَتَّى يَطُوفَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاحْتَبَسَتْهُ قُرَيْشٌ عِنْدَهَا, فَبَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمِينَ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ قُتِلَ, قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:


١ مسلم "٤/ ١٨٦٦/ ح٢٤٠٢" في فضائل الصحابة، باب من فضائل عثمان رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>