نصيحة أو مساجلة لصديق. أو وصفا أو خاطرة، إلا أنه لم يدون جل ما قال إن لم يكن كله، وما بأيدينا منه الآن نزر يسير جدا حفظه عنه بعض تلاميذه.
ومن أهم قصائد شعر تلك القصيدة الميمية التي أنشأها في الوصايا والآداب العلمية، وهي طويلة جدا، نختار منها هذه الأبيات التي يصف فيها العلم ومنزلته:
العلم أغلى وأحلى ما له استمعت ... أذن، وأعرب عنه ناطق بفم
العلم غايته القصوى ورتبته الـ ... ـعلياء فاسعوا إليه يا أولي الهمم
العلم أشرف مطلوب وطالبه ... لله أكرم من يمشي على قدم
العلم نور مبين يستضيء به ... أهل السعادة والجهال في الظلم
العلم أعلى حياة للعباد، كما ... أهل الجهالة أموات بجهلهم
ثم يقول مرغبا في العلم، وحاضا طالبه على الحرص عليه، والسعي قدر المستطاع لنيل أكبر قسط منه، وعدم الرضا بغيره عوضا عنه، فمن حصل عليه فقد ظفر. ويوصي طلبة العلم بمساعدة غيرهم في تحصيله وتقريب مباحثه، ويشير عليهم قبل ذلك كله بأن يخلصوا نياتهم -في طلبه- لوجه الله الكريم:
يا طالب العلم لا تبغي به بدلا ... فقد ظفرت ورب اللوح والقلم
وقدس العلم واعرف قدر حرمته ... في القول والفعل، والآداب فالتزم
واجهد بعزم قوي لا انثناء له ... لو يعلم المرء قدر العلم لم ينم
والنصح فابذله للطلاب محتسبا ... في السر والجهر والأستاذ فاحترم
ومرحبا قل لمن يأتيك يطلبه ... وفيهم احفظ وصايا المصطفى بهم
والنية اجعل لوجه الله خالصة ... إن البناء بدون الأصل لم يقم
وهنا أيضا قصيدته الهمزية التي قالها في تشجيع الإسلام وأهله والدعوة إلى التمسك بأساسه وأصله، وهي لا تزال مخطوطة لم تنشر من قبل، وتقع في أكثر من مائتي بيت، من بحر الكامل على روي الهمزة. استعرض فيها ماضي المسلمين وحاضرهم وما ينبغي أن يكونوا عليه في مستقبلهم، كل ذلك بأسلوب قوي رصين، وتعبير جزل، بالإضافة إلى ما تفجر في جوانب أبياتها من شعور فياض، ومعان سامية، وأهداف نبيلة، وروح عالية؛ تحدث في أولها عن الرسول الكريم