للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ, لَكِنِ الْمُؤْمِنُونَ هُمْ عِبَادُهُ حَقًّا الَّذِينَ أَفْرَدُوهُ بِإِلَهِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَلَمْ يُشَبِّهُوهُ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ, ولم يسووا شيئا مَنْ خَلَقَهُ بِهِ, أُولَئِكَ الَّذِينَ تُضَاعَفُ لَهُمُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْأُولَى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الْأَنْعَامِ: ١٦٠] وَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [الْبَقَرَةِ: ٢٦١] وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [الْبَقَرَةِ: ٢٤٥] تَوَلَّوُا اللَّهَ فَأَخْرَجَهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ, أَخْرَجَهُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ إِلَى نُورِ الْإِيمَانِ وَمِنْ ظُلُمَاتِ الضَّلَالِ إِلَى نُورِ الْهُدَى وَمِنْ ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ إِلَى نُورِ الْعِلْمِ وَمِنْ ظُلُمَاتِ الْغَيِّ إِلَى نُورِ الرَّشَادِ: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [الْمَائِدَةِ: ٥٦] مَلَأَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِنُورِ مَعْرِفَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَالشَّوْقِ إِلَى لِقَائِهِ, فَلَمْ تَتَّسِعُ لِغَيْرِهِ, دَنَا الشَّيْطَانُ مِنْ قُلُوبِهِمْ فَاحْتَرَقَ بِنُورِ إِيمَانِهِمْ فَنَكَصَ عَلَى عَقِبِهِ خَاسِئًا حَسِيرًا, وَأَيِسَ مِنْهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ فَانْقَلَبَ مَذْمُومًا مَدْحُورًا. فَعِنْدَ ذَلِكَ عَزَّى نَفْسَهُ اللَّعِينُ وَقَالَ: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الْحِجْرِ: ٤٠] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الْحِجْرِ: ٤٢] حَفِظُوا اللَّهَ فَحَفِظَهُمْ وَصَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَنْكُثُوا أَيْمَانَهُمْ, تَعَرَّفُوا إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ بِالْعِبَادَةِ فَعَرَفَهُمْ فِي الشِّدَّةِ بِالْفَرَجِ, صدقوا رُسُلَهُ وَآمَنُوا بِكِتَابِهِ وَانْقَادُوا لِأَمْرِهِ وَانْكَفُّوا عَمَّا نَهَى عَنْهُ, ثُمَّ تَجَرَّدُوا لِنُصْرَةِ دِينِهِ وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِهِ وَدَخَلَ النَّاسُ بِذَلِكَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا طَوْعًا وَكَرْهًا, وَقَادُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ بِالسَّلَاسِلِ. نَصَرُوا اللَّهَ فَنَصَرَهُمْ وَشَكَرُوهُ فَشَكَرَهُمْ وَذَكَرُوهُ فَذَكَرَهُمْ. عَرَفُوا مَا خُلِقُوا لَهُ فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ وَرَأَوْا مَا سِوَاهُ مِمَّا لَا يَعْنِيهِمْ فَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ, وَآثَرُوا مَا يَبْقَى على ما ينفى وَتَعَلَّقَتْ أَرْوَاحُهُمْ بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى, أُولَئِكَ هُمْ خَاصَّةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ وَالْمُصْطَفَوْنَ مِنْ عِبَادِهِ, أُولَئِكَ هُمْ أَوْلِيَاؤُهُ الْمُتَّقُونَ وَحِزْبُهُ الْغَالِبُونَ الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ؛ لِيُوَفِّيَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>