للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التَّوْبَةِ: ١١١، ١١٢] .

وَالْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ جِدًّا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهَا, وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ تَقْرِيرُ هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ, فَإِذَا حَقَّقْتَ هَذِهِ الْأُمُورَ الْأَرْبَعَةَ تَحْقِيقًا بَالِغًا وَعَرَفْتَ مَا يُرَادُ بِهَا مَعْرِفَةً تَامَّةً وَفَهِمْتَ فَهْمًا وَاضِحًا ثُمَّ أَمْعَنْتَ النَّظَرَ فِي أَضْدَادِهَا وَنَوَاقِضِهَا, تبين لك أن أَنْوَاعُ الْكُفْرِ لَا تَخْرُجُ عَنْ أَرْبَعَةٍ:

كُفْرُ جَهْلٍ وَتَكْذِيبٍ.

وَكَفْرُ جُحُودٍ.

وَكُفْرُ عِنَادٍ وَاسْتِكْبَارٍ.

وَكُفْرُ نِفَاقٍ.

فَأَحَدُهَا يُخْرِجُ مِنَ الْمِلَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ, وَإِنِ اجْتَمَعَتْ فِي شَخْصٍ فَظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا إِمَّا أَنْ تَنْتَفِيَ هَذِهِ الْأُمُورُ كُلُّهَا -قَوْلُ الْقَلْبِ وَعَمَلُهُ, وَقَوْلُ اللِّسَانِ, وَعَمَلُ الْجَوَارِحِ- أَوْ يَنْتَفِيَ بَعْضُهَا, فَإِنِ انْتَفَتْ كُلُّهَا اجْتَمَعَ أَنْوَاعُ الْكُفْرِ غَيْرُ النِّفَاقِ, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الْبَقَرَةِ: ٦، ٧] .

وَإِنِ انْتَفَى تَصْدِيقُ الْقَلْبِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْحَقِّ فَكُفْرُ الْجَهْلِ وَالتَّكْذِيبِ, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يُونُسَ: ٣٩] وَقَالَ تَعَالَى: {أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النَّمْلِ: ٨٤] وَإِنْ كَتَمَ الْحَقَّ مَعَ الْعِلْمِ بِصِدْقِهِ فَكُفْرُ الْجُحُودِ وَالْكِتْمَانِ, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النَّمْلِ: ١٤] وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>