للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا, فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التَّوْبَةِ: ٣٤] قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَنْ كَنَزَهَا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا فَوَيْلٌ لَهُ, إِنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنَزَّلَ الزَّكَاةُ, فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى طُهْرَةً لِلْأَمْوَالِ١.

وَقَدْ ثَبَتَتِ الْبَيْعَةُ عَلَيْهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ, كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى "بَابُ الْبَيْعَةِ عَلَى إِيتَاءِ الزَّكَاةِ" {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التَّوْبَةِ: ١١] : حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ٢. وَالنُّصُوصُ فيها كثيرة وفيما تَقَدَّمَ كِفَايَةٌ.

[حُكْمُ مَانِعِ الزَّكَاةِ] :

وَأَمَّا حُكْمُ تَارِكِهَا فَإِنْ كَانَ مَنْعُهُ إِنْكَارًا لِوُجُوبِهَا فَكَافِرٌ بِالْإِجْمَاعِ بَعْدَ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِوُجُوبِهَا وَكَانُوا جَمَاعَةً وَلَهُمْ شَوْكَةٌ قَاتَلَهُمُ الْإِمَامُ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ"؟ فَقَالَ: وَاللَّهُ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ, فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ, وَلَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا, قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, فَعَرَفْتُ أَنَّهُ


١ رواه البخاري "٣/ ٢٧١" في الزكاة، باب ما أدى زكاته فليس بكنز.
٢ رواه البخاري "٣/ ٢٦٧" في الزكاة، باب البيعة على إيتاء الزكاة, ومسلم "١/ ٧٥/ ح٥٦" في الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>