للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَقُّ, وَفِي رِوَايَةٍ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ, فَعَلِمْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ١.

وَهَذَا الَّذِي اسْتَنْبَطَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي مَنْطُوقِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَرْفُوعَةِ, كَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ, فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا, وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" ٢ وَغَيْرَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ.

وَقَدْ جَهَّزَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ لِغَزْوِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ حِينَ بَلَغَهُ أَنَّهُمْ مَنَعُوا الزَّكَاةَ وَلَمْ يَكُنْ مَا بَلَغَهُ عَنْهُمْ حَقًّا, فَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ دِينَارٍ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ الْحَارِثَ بْنَ ضِرَارٍ الْخُزَاعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَدَعَانِي إِلَى الْإِسْلَامِ فَدَخَلْتُ فِيهِ وَأَقْرَرْتُ بِهِ, وَدَعَانِي إِلَى الزَّكَاةِ فَأَقْرَرْتُ بِهَا, وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَأَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ, فَمَنِ اسْتَجَابَ لِي جَمَعْتُ زَكَاتَهُ, وَتُرْسِلُ إِلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَسُولًا إِبَّانَ كَذَا وَكَذَا لِيَأْتِيَكَ بِمَا جَمَعْتُ مِنَ الزَّكَاةِ, فَلَمَّا جَمَعَ الْحَارِثُ الزَّكَاةَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لَهُ وَبَلَغَ الْإِبَّانُ الَّذِي أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ احْتَبَسَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ وَلَمْ يَأْتِهِ, وَظَنَّ الْحَارِثُ أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِيهِ سَخْطَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَدَعَا بِسَرَوَاتِ قَوْمِهِ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ وَقَّتَ لِي وَقْتًا يُرْسِلُ إِلَيَّ رَسُولَهُ لِيَقْبِضَ مَا كَانَ عِنْدِي مِنَ الزَّكَاةِ وَلَيْسَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُلْفُ, وَلَا أَرَى حَبْسَ رَسُولِهِ إِلَّا مِنْ سَخْطَةٍ, فَانْطَلِقُوا نَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ إِلَى الْحَارِثِ لِيَقْبِضَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِمَّا جَمَعَ مِنَ الزَّكَاةِ, فَلَمَّا أَنَّ سَارَ الْوَلِيدُ حَتَّى بَلَغَ بَعْضَ الطَّرِيقِ فَرَقَ -أَيْ خَافَ- فَرَجَعَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْحَارِثَ قَدْ مَنَعَنِي


١ رواه البخاري "١٣/ ٢٥٠" في الاعتصام، باب الاقتداء بسنن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ومسلم "١/ ٥١/ ح٢٠" في الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
٢ رواه البخاري "١/ ٧٥" في الإيمان، باب {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} ومسلم "١/ ٥٣/ ح٢٢" فيه، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>