للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ مُسِيئَةً, وَلَا أَنَّ رُوحَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى وَأَرْوَاحَ الْكُفَّارِ فِي سِجِّينٍ فَكَذَّبُوا بِالْكِتَابِ, وَبِمَا أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ, فَضَّلُوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ.

وَقَوْلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:

فالشأن للأرواح عند فِرَاقِهَا ... أَبْدَانَهَا وَاللَّهُ أَعْظَمُ شَانِ

يَعْنِي أَنَّهُ أَعْظَمُ شَأْنًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَكُونُ إِذْ ذَاكَ الْخَبَرُ عِيَانًا وَالْغَيْبُ شَهَادَةً وَالْمَسْتُورُ مَكْشُوفًا وَالْمَخْبَأُ ظَاهِرًا, فَلَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ وَلَا عِلْمَ الْيَقِينِ كَعَيْنِ الْيَقِينِ, فَالْمُصَدِّقُ يَرَى وَيَجِدُ مِصْدَاقَ مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ كَمَا عَلِمَهُ وَتَيَقَّنَهُ فَيَزْدَادُ بُشْرَى وَفَرَحًا وَسُرُورًا, وَالْمُكَذِّبُ يَرَى وَيَجِدُ حَوَرَ تَكْذِيبِهِ بِذَلِكَ, وَغِبَّ مَا جَنَاهُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَذُوقُ وَبَالَ أَمْرِهِ, وَكُلٌّ يُفْضِي إِلَى مَا قَدَّمَ.

وَقَوْلُهُ إِمَّا نُعَيْمٌ أَوْ عَذَابٌ إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الْوَاقِعَةِ: ٨٨-٩٦] سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ, سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ, وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْآيَاتِ, وَقَدَّمْنَا مِنْهَا جُمْلَةً وَقَدَّمْنَا مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي أَحْوَالِ الِاحْتِضَارِ وَالْبَرْزَخِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مَا يَبْلُغُ حَدَّ التَّوَاتُرِ, فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَقَوْلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَصِيرُ طَيْرًا سَارِحًا مَعَ شَكْلِهَا إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْمُسَلْسَلِ بِالْأَئِمَّةِ نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ, حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ١.


١ رواه أحمد ٣/ ٤٥٥ والترمذي ٣/ ١٧٦/ ح١٦٤١ في فضائل الجهاد باب ما جاء في ثواب الشهداء وقال حسن صحيح, والنسائي ٤/ ١٠٨ في الجنائز باب أرواح المؤمنين وابن ماجه ٢/ ١٤٢٨/ ح٤٢٧١ في الزهد باب القبر والبلى, ومالك في الموطأ ١/ ٢٤٠ في الجنائز باب جامع الجنائز وابن حبان ٧/ ٨٣ الإحسان بألفاظ عدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>