للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَشِيرٍ الْغِفَارِيِّ: "كَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ فِي يَوْمٍ يَقُومُ الناس فيه ثلاثمائة سَنَةٍ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا, لَا يَأْتِيهِمْ فِيهِ خَبَرٌ مِنَ السَّمَاءِ وَلَا يُؤْمَرُ فِيهِمْ بِأَمْرٍ قَالَ بَشِيرٌ الْمُسْتَعَانُ اللَّهُ قَالَ فَإِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ كَرْبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسُوءِ الْحِسَابِ"١.

وَفِي السُّنَنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ٢.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مُهْطِعِينَ} قَالَ قَتَادَةُ مُسْرِعِينَ قَالَ مُجَاهِدٌ مُدِيمِي النَّظَرِ وَمَعْنَى الْإِهْطَاعِ أَنَّهُمْ لَا يَلْتَفِتُونَ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا وَلَا يَعْرِفُونَ مَوَاطِنَ أقدامهم {مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ} قَالَ الْقُتَيْبِيُّ الْمُقْنِعُ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُقْبِلُ بِبَصَرِهِ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ الْحَسَنُ وُجُوهُ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ إِلَى السَّمَاءِ لَا يَنْظُرُ أَحَدٌ إِلَى أَحَدٍ {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبْصَارُهُمْ مِنْ شِدَّةِ النَّظَرِ وَهِيَ شَاخِصَةٌ قَدْ شَغَلَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} أَيْ هِيَ خَالِيَةٌ قَالَ قَتَادَةُ خَرَجَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ صُدُورِهِمْ فَصَارَتْ فِي حَنَاجِرِهِمْ لَا تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَلَا تَعُودُ إِلَى أَمَاكِنِهَا, فَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ لَا شَيْءَ فِيهَا, وَمِنْهُ سُمِّيَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ هَوَاءً لِخُلُوِّهِ وَقِيلَ خَالِيَةٌ لَا تَعِي شَيْئًا وَلَا تَعْقِلُ مِنَ الْخَوْفِ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مُتَرَدِّدَةٌ تَمُورُ فِي أَجْوَافِهِمْ لَيْسَ لَهَا مَكَانٌ تَسْتَقِرُّ فِيهِ قَالَ الْبَغَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَحَقِيقَةُ الْمَعْنَى أَنَّ الْقُلُوبَ زَائِلَةٌ عَنْ أَمَاكِنِهَا وَالْأَبْصَارَ شَاخِصَةٌ مِنْ هَوْلِ ذلك اليوم اهـ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} [غَافِرٍ: ١٨] قَالَ قَتَادَةُ وَقَفَتِ الْقُلُوبُ فِي الْحَنَاجِرِ مِنَ الْخَوْفِ فَلَا تَخْرُجُ وَلَا تَعُودُ إِلَى


١ ابن أبي حاتم ابن كثير ٤/ ٥١٧ وابن جرير في تفسيره ٣٠/ ٥٩ وابن الأثير في أسد الغابة ١/ ٢٣٤ وفي سنده أبو يزيد المدني وثقه ابن معين وأحمد, وقال أبو حاتم يكتب حديثه وعبد السلام بن عجلان قال عنه أبو حاتم شيخ بصري يكتب حديثه, قال عنه ابن حجر ضعيف الإصابة ١/ ١٦١.
٢ رواه أبو داود ١/ ٢٠٣ ٢٠٤/ ح٧٦٦ في الصلاة باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء, والنسائي ٣/ ٢٠٩ في قيام الليل باب ذكر ما يستفتح به القيام, وابن ماجه ح١٣٥٦ في الصلاة باب ما جاء في الدعاء إذا قام الرجل من الليل, وسنده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>