للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَاكِنِهَا, وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَمَعْنَى كَاظِمِينَ أَيْ سَاكِتِينَ لَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النَّبَأِ: ٣٨] وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ بَاكِينَ وَقَالَ الْبَغَوِيُّ مَكْرُوبِينَ مُمْتَلِئِينَ خَوْفًا وَجَزَعًا, وَالْكَظْمُ تَرَدُّدُ الْغَيْظِ وَالْخَوْفِ وَالْحُزْنِ فِي الْقَلْبِ حَتَّى يَضِيقَ بِهِ {كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [الْمَعَارِجِ: ٤] فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الزَّكَاةِ وَفِيهِ مَنْ كَانَتْ لَهُ إِبِلٌ لَا يُعْطَى فِيهَا حَقَّهَا فِي نَجْدَتِهَا وَرِسْلِهَا قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَجْدَتُهَا وَرِسْلُهَا قَالَ: "فِي عُسْرِهَا وَيُسْرِهَا, فَإِنَّهَا تَأْتِي يوم القيامة كأغذ مَا كَانَتْ وَأَكْثَرِهِ وَأَسْمَنِهِ وَآشَرِهِ حَتَّى يُبْطَحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ فَتَطَأَهُ بِأَخْفَافِهَا فَإِذَا جَاوَزَتْ أُخْرَاهَا أُعِيدَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [الْمَعَارِجِ: ٤] حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ" ١ الْحَدِيثَ {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا يُبَصَّرُونَهُمْ} [الْمَعَارِجِ: ١١] لَا يَسْأَلُ الْقَرِيبُ قَرِيبَهُ عَنْ حَالِهِ وَهُوَ يَرَاهُ فِي أَسْوَأِ الْأَحْوَالِ فَتَشْغَلُهُ نَفْسُهُ عَنْ غَيْرِهِ قَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَفِرُّ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ بَعْدَ ذَلِكَ, يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عَبَسَ: ٣٧] وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [لُقْمَانَ: ٣٣] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [فَاطِرٍ: ١٨] قَالَ عِكْرِمَةُ هُوَ الْجَارُ يَتَعَلَّقُ بِجَارِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ سَلْ هَذَا لِمَ كَانَ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونِي وَإِنَّ الْكَافِرَ لَيَتَعَلَّقُ بِالْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ يَا مُؤْمِنُ إِنَّ لِي عِنْدَكَ يَدًا قَدْ عَرَفْتَ كَيْفَ كُنْتُ لَكَ فِي الدُّنْيَا وَقَدِ احْتَجْتَ إِلَيْكَ الْيَوْمَ, فَلَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُشَفِّعُ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ حَتَّى يَرُدَّهُ إِلَى مَنْزِلٍ دُونَ مَنْزِلِهِ وَهُوَ النَّارُ, وَإِنَّ الْوَالِدَ لَيَتَعَلَّقُ بِوَلَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ


١ البخاري ٣/ ٢١٢ في الزكاة باب إثم مانع الزكاة وفي تفسير آل عمران باب {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ} وفي كتب غيرهما, ورواه مسلم ٢/ ٦٨٠/ ح٩٨٧ في الزكاة باب إثم مانع الزكاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>