للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدْرِي أَيُقْبَلُ إِقْرَارُهُ أَوْ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِذُنُوبِهِ. وَقَالَ يَعْنِي فُضَيْلًا: قَدْ بَيَّنْتُ لَكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَعْمَى.

وَقَالَ فُضَيْلٌ: لَوْ قَالَ لِي رَجُلٌ: مُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ مَا كَلَّمْتُهُ مَا عِشْتَ. وَقَالَ: إِذَا قُلْتَ آمَنْتُ بِاللَّهِ فَهُوَ يَجْزِيكَ مِنْ أَنْ تَقُولَ أَنَا مُؤْمِنٌ. وَإِذَا قُلْتَ أَنَا مُؤْمِنٌ لَا يَجْزِيكَ مِنْ أن تقول اآمنت بِاللَّهِ؛ لِأَنَّ آمَنْتُ بِاللَّهِ أَمْرٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [الْبَقَرَةِ: ١٣٦] الْآيَةَ, وَقَوْلُكَ أَنَا مُؤْمِنٌ تَكَلُّفٌ لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَقَوُّلَهُ وَلَا بَأْسَ إِنْ قُلْتَهُ عَلَى وَجْهِ الْإِقْرَارِ وَأَكْرَهُهُ عَلَى وَجْهِ التَّزْكِيَةِ.

وَقَالَ فُضَيْلٌ سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى إِلَى هَذِهِ الْقِبْلَةِ فَهُوَ عِنْدَنَا مُؤْمِنٌ, وَالنَّاسُ عِنْدَنَا مُؤْمِنُونَ بِالْإِقْرَارِ فِي الْمَوَارِيثِ وَالْمُنَاكَحَةِ وَالْحُدُودِ وَالذَّبَائِحِ وَالنُّسُكِ. وَلَهُمْ ذُنُوبٌ وَخَطَايَا اللَّهُ حَسْبُهُمْ, إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ, لَا نَدْرِي مَا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَقَالَ فُضَيْلٌ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ الضَّبِّيَّ يَقُولُ: مَنْ شَكَّ فِي دِينِهِ فَهُوَ كَافِرٌ وَأَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

قَالَ فُضَيْلٌ: الِاسْتِثْنَاءُ لَيْسَ بِشَكٍّ. وَقَالَ فُضَيْلٌ: الْمُرْجِئَةُ كُلَّمَا سَمِعُوا حَدِيثًا فِيهِ تَخْوِيفٌ قَالُوا: هَذَا تَهْدِيدٌ. وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَخَافُ تَهْدِيدَ اللَّهِ وَتَحْذِيرَهُ وَتَخْوِيفَهُ وَوَعِيدَهُ وَيَرْجُو وَعْدَهَ, وَإِنَّ الْمُنَافِقَ لَا يَخَافُ تَهْدِيدَ اللَّهِ وَلَا تَحْذِيرَهُ وَلَا تَخْوِيفَهُ وَلَا وَعِيدَهُ وَلَا يَرْجُو وَعْدَهُ.

وَقَالَ فُضَيْلٌ: الْأَعْمَالُ تُحْبِطُ الْأَعْمَالَ, وَالْأَعْمَالُ تَحُولُ دُونَ الْأَعْمَالِ.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَبِي: أُخْبِرْتُ عَنْ فُضَيْلٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [الْبَقَرَةِ: ٢٦٩] قَالَ: الفقه والعلم. ا. هـ مِنْ كِتَابِ السُّنَّةِ١.

وَفِيهِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "الْقُلُوبُ أَرْبَعَةٌ: قَلْبٌ أَجْرَدُ كَأَنَّمَا


١ السنة لعبد الله "ص٣٧٤-٣٧٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>