معنا، ويسأل أبا أحمد عمن بقي من أهلهم بخراسان في خلال ما يأكل، وكان ربما استعجم الشيء على أبي أحمد بالعربية فيكلمه جدي بالفارسية، وكان في خلال ذلك ونحن نأكل يضع القطعة اللحم بين يدي أبي أحمد، ثم رَفَع الغضارة بيده فوضعها ناحية، ثم أخذ طبقا إلى جنبه فوضعه بين أيدينا على الطبق، فإذا فيه تمر برني وجوز مكسّر، وجعل يأكل ونأكل وفي خلال ذلك يناول أبا أحمد، ثم غسلنا أيدينا كل واحد منا يغسل يده لنفسه.
قال عبدوس العطار: وجهت بابني مع الجارية يسلم على أبي عبد اللَّه، فرحب به وأجلسه في حجره وساءَله، وأرسل فاتخذ له خبيصًا فجاءَ به فوضعه بين يديه وجعل يبسطه، وقال للجارية: كلي معه. ثم قام إلى بعض الفامِيِّين فجاءَ وفي ثوبه لوز وسكر، وأخرج منديلًا فشده فيه، ثم دفعه إلى الخادم وقال للصبي: اقرأ على أبي محمد السلام.
قال المرُّوذي: كان أبو عبد اللَّه لا يجهل، وإن جُهِل عليه احتمل وحلم، ويقول: يكفي اللَّه. ولم يكن بالحقود ولا العجول، ولقد وقع بين عمه وجيرانه منازعة، فكانوا يجيئون إلى أبي عبد اللَّه فلا يظهر لهم ميله مع عمه، ولا يغضب لعمه، ويتلقاهم بما يعرفون من الكرامة، وكان كثير التواضع يحب الفقراء، لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلسه، مائلًا إليهم مقصرًا عن أهل الدنيا، تعلوه السكينة والوقار، إذا جلس في مجلسه بعد العصر