للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في نحر (*) الظهيرة، إذا برجل يسلم بالباب، فكأن قلبي ارتاح له، فقمت ففتحت الباب، فإذا أنا برجل عليه فروة وعلى أم رأسه خرقة ما تحت فروه قميص، ولا معه ركوة ولا جراب، ولا عكاز، قد لوحته الشمس. فقلت: ادخل. فدخل للدهليز. فقلت: من أين أقبلت؟ قال: من ناحية المشرق، أريد بعض هذِه السواحل، ولولا مكانك ما دخلت هذا البلد إلا أني نويت السلام عليك.

قلت: على هذِه الحال؟ قال: نعم، ثم قال لي: ما الزهد في الدنيا؟ قلت: قصر الأمل.

قال: فجعلت أعجب منه، فقلت في نفسي: وما عندي ذهب ولا فضة، فدخلت البيت، فأخذت أربعة أرغفة، فخرجت إليه، فقلت: ما عندي ذهب ولا فضة، وإنما هذا من قوتي. قال: أو يسركِ يا أبا عبد اللَّه أن أقبل ذلك؟ قال: قلت: نعم. قال: فأخذها، فوضعها تحت حضنه، وقال: أرجو أن تكفيني زادًا إلى الرقة، أستودعك اللَّه، قال: فلم أزل قائمًا أنظر إليه إلى أن خرج من الزقاق، وكان يذكره كثيرا.

قال صالح: وكنت أسمع أبي كثيرًا يقول: اللَّهم سلِّم سلِّم.

وكان أبي: إذا دعا له رجل، يقول: ليس يحرز المؤمن إلا حفرته، الأعمال بخواتيمها.

وكان رجل يختلف مع خلف المخرمي إلى عفان يقال له: أحمد بن الحكم العطار، فختن بعض ولده، فدعا أبي وأبا خثيمة وجماعة من أصحاب الحديث، وطلب إلى أبي أن يحضر، فمضوا، ومضى أبي بعدهم وأنا معه، فلما دخل أجلس في بيت ومعه جماعة من أصحاب الحديث، فمن كان يختلف معه إلى عفان، فكان فيهم رجل يكنى بأبي بكر، يعرف بالأحول، فقال: يا أبا عبد اللَّه: هاهنا آنية من فضة، والتفت فإذا كرسي،


(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: نص المؤلفون في الملاحق على تصويبها إلى ((نحو الظهيرة))، والمثبت هو الصواب والتصويب في الملحق غلط، فإنها صحيحة لا إشكال فيها، وهي هكذا في المراجع التي أوردت الخبر، والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>