للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقام وخرج وتبعه من كان في البيت. وسأل من كان في الدار عن خروجه فأخبر، واتبعته معهم جماعة، وأخبر الرجل فخرج إلى أبي، فحلف أنه ما علم بذلك، ولا أمر به، فجعل يطلب إليه فأبى. وجاء عفان فقال له الرجل: يا أبا عثمان، اطلب إلى أبي عبد اللَّه أن يرجع فكلمه عفان، فأبى أن يرجع، فنزل بالرجل أمر عظيم (١).

"السيرة" لصالح ص ٤٣ - ٤٧

قال صالح: [لما قدم أبي من عند المتوكل] (٢) ومكث قليلا، قال لي: يا صالح، قلت: لبيك، قال: أحب أن تدع هذا الرزق فلا تأخذه ولا توكل فيه أحدًا، فقد علمت أنكم إنما تأخذونه بسببي. فسكتُّ. فقال: ما لك؟ فقلت: أكره أن أعطيك شيئًا بلساني وأخالف إلى غيره فأكون قد كذبتك ونافقتك وليس في القوم أكثر عيالًا مني ولا أعذر، وقد كنت أشكو إليك فتقول: أمرك منعقد بأمري، ولعل اللَّه أن يحل عني هذِه العقدة، ثم قلت: وقد كنت تدعو لي فأرجو أن يكون اللَّه عز وجل قد استجاب لك، قال: ولا تفعل؟ قلت: لا! قال: قم فعل اللَّه بك وفعل، فأمر بسدّ الباب بيني وبينه، فتلقاني عبد اللَّه فسألني فأخبرته. فقال: ما أقول؟ قلت: ذاك إليك، فقال له مثل ما قال لي، فقال: لا أفعل، فكان منه إليه نحو ما كان منه إلي، فلقينا عمه فقال: لو أردتم أن تقولوا له، وما علمه إذا أخذتم شيئًا، فدخل عليه فقال: يا أبا عبد اللَّه، لست آخذ شيئًا من هذا، فقال: الحمد للَّه، وهجرنا وسدَّ الأبواب بيننا وبينه، وتحامى منزلنا أن يدخل منه إلى منزله شيء، فلما مضى نحو من شهرين كتب لنا بشيء فجيء به إلينا، فأول من


(١) وانظر: "حلية الأولياء" لأبي نعيم ٩/ ١٧٨ - ١٧٩، "المناقب" لابن الجوزي ص ٢٩٩ - ٣٠٠، "سير أعلام النبلاء" ١١/ ٢٠٨ - ٢٠٩.
(٢) في "السيرة": فما انحدر إلى بغداد. والمثبت من "المناقب" لابن الجوزي ص ٤٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>