قال أبو علي عيسى بن محمد الجريحي: ثنا أحمد بن يحيى ثعلب النحوي قال: كنت أحب أن أرى أحمد بن حنبل فدخلت عليه فقال لي: فيم تنظر؟ فقلت: في النحو والعربية. والشعر فأنشدني أحمد بن حنبل رحمة اللَّه تعالى عليه:
إذا ما خلوتَ الدهر يوما فلا تقل ... خلوتُ ولكن قُل عليَّ رقيب
ولا تحسبن اللَّه يخلف ما مضى ... وأن الذي يخفى عليه يغيب
لهونا عن الأيام حتى تتابعت ... ذنوب على آثارهن ذنوب
فيا ليت أن يغفر اللَّه ما مضى ... ويأذن لي في توبة فأتوب
إذا ما مضى القرن الذي أنت فيهم ... وخلفت في قرن فأنت غريب
قال محمد بن سختويه البردعي: سمعت أبا عمير بن النحاس عيسى بن محمد بن عيسى -وذكر عنده أحمد بن حنبل فقال: رحمه اللَّه عن الدنيا ما كان أصبره، وبالماضين ما كان أشبهه، وبالصالحين ما كان ألحقه، عرضت له الدنيا فأباها، والبدع فنفاها.
قال ابن هانئ: قال لي أبو عبد اللَّه: بكر يوما حتى تعارضني بشيء من الزهد، فبكرت إليه وقلت لأم ولده: أعطني حصيرًا ومخدة فبسطته في الدهليز. فخرج أبو عبد اللَّه ومعه الكتب والمحبرة، فنظر إلى الحصير والمخدة فقال: ما هذا؟ فقلت: لتجلس عليه.
فقال: ارفعه، الزهد لا يحسن إلا بالزهد، فرفعته وجلس على التراب.