للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: نعم. فقال: ليس هذا دفتر أحمد بن حنبل ولكنه دفتري بخطه.

فقلت له: وكيف صار هذا هكذا؟

فقال لي: كنا عند ابن عيينة سنة من السنين ولم يكن من أهل الربض تلك السنة مقيما على ابن عيينة غيري وغيره، ففقدته أياما فسألت عنه فدللت على موضعه، فجئت فإذا هو في شبيه بكهف في جياد على بابه قفص، فقلت: سلام عليكم. فقال لي: وعليكم السلام.

فقلت: أدخل؟ فقال: لا. ثم قال: ادخل، فدخلت وإذا عليه قطعة لبد خلق، فقلت: لم حجبتني؟ قال: حتى استترت.

فقلت له: ما شأنك؟ فقال: سُرقَتْ ثيابي.

فبادرت إلى منزلي فجئتُ بصرّة فيها مائة درهم، فعرضتها عليه فامتنع، وسألته أن يقبلها قرضا فأبى عليّ، حتى بلغت عشرين درهما، كل ذلك، يَأبَى عليّ، فقمت موليا وقلت: ما يحل لك أن تقتل نفسك وأنا أعرض عليك فلا تقبل! فقال لي: ارجع، فرجعت، فقال لي: أليس قد سمعت معي من ابن عيينة سماعًا كثيرًا؟

فقلت: بلى، فقال: تحب أن أنسخه لك؟

قلت: نعم، فقال لي: اشتر ورقا وجئني به، فكتب بدراهم ذكر مبلغها، فاكتسى منها ثوبين باثني عشر درهما، وأخذ الباقي نفقة.

"المناقب"، لابن الجوزي ص ٢٩٦، "سير أعلام النبلاء" ١١/ ١٩١

قال المروذي: سمعت أبا بكر بن حماد المُقرئ يقول: سمعت أبا ثابت الخطاب يقول: قال ابن الجَرَويّ: ذهبت إلى أحمد بن حنبل فقلت: هذِه ألف فى ينار اشتر بها غلة للصبيان، فأبَى أن يقبلها، قال: وكان يُكرمني، فلما قلت له ذلك، قال: أحب إذا كانت لك حاجة لا تجيء، فإن أردت أن تسألني عن شيء فأرسل إليّ، فحرمت نفسي.

"المناقب" لابن الجوزي ص ٣٠٠

<<  <  ج: ص:  >  >>