قال محمد بن إبراهيم البُوشَنْجيُّ: حكي لنا عن المتوكل أنه قال: إن أحمد ليمنعنا من برِّ ولده. وذلك أنه كان وجه إلى ولده وإلى ولد ولده وإلى عمه بمال عظيم فأخذوه دون علم أحمد، فلما بلغه ذلك أنكر عليهم وتقدم إليهم برده، وقال لهم: لم تأخذوه والثغور معطلة غير مشحونة، والفيء غير مقسوم بين أهله؟ فاعتلوا بخروج ذلك المال من أيديهم في ديونهم وما كان عليهم، ثم وجه المتوكل مالا آخر وقال: ليُعْطَ ولده من غير علم أحمد فأخذوه، فبلغ ذلك أحمد فجمعهم، وقال لهم: احتججتم في المال الأول بذهابه عنكم وبديونكم فردوه، فأنا شهدت وقد سد بابا كان بينه وبين صالح ابنه، وترك مسجده ومؤذنه عمه وإمامه ابن عمير، وداره لزيقة المسجد، وهجرهم من أجل ذلك المال، وأنا رأيته يخرج من زقاقه ومن دربه إلى الشارع، ويدخل دربًا آخر فيه مسجد يقال له: مسجد سدرة، يصلي فيه الجماعة، ثم لما أشخص إلى العسكر أيام المتوكل، أحضر دار الخلافة ليحدث فيها ولد المتوكل المعتز والمنتصر والمؤيد، وهم ولاة العهود، فجعل يتمارض، وإذا سئل قال: لا أحفظ وكتبي عني غائبة حتى أعفي، ووقَّع المتوكل في بعض ما وقَّع: أعفينا أحمد مما يكره، ولقد جاءته تحفة رطب من قبل المتوكل مختومة فما طعم منها، وبلغني أنه احتج في ذلك اليوم وقال: إن أمير المؤمنين قد أعفاني مما أكره، فإذا جاءه شيء قال: هذا مما أكره، فيُعفى، فكانت هذِه حاله.
"المناقب" لابن الجوزي ص ٤٦٨
قال محمد بن يوسف الجوهري: دخلت علي أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل في الحبس، وعنده أبو سعيد الحداد، فقال له: كيف تجدك؟
فقال: بخير في عافية والحمد للَّه. فقال له أبو سعيد: حممت البارحة؟