قال عبد اللَّه: حدثني أَحمد بن إبراهيم الدَّوْرَقي قال: لما قدم أَحمد بن حنبل مكة من عند عبد الرزاق رأَيت به شحوبا، وقد تبين عليه أثر النصب والتعب فقلت: يا أَبا عبد اللَّه لقد شققت على نفسك في خروجك إلى عبد الرزاق! فقال: ما أهون المشقة فيما استفدنا من عبد الرزاق، كتبنا عنه حديث الزّهْري، عن سالم، عن عبد اللَّه، عن أَبيه. وحديث الزهري، عن سعيد بن المسيَّب، عن أَبي هريرة.
قال عبد اللَّه: خرج أبي إلى طرسوس ماشيا، وخرج إلى اليمن ماشيا، وقال أبي: ما كتبنا عن عبد الرزاق من حفظه شيئًا إلا المجلس الأول، وذلك أَنا دخلنا بالليل فوجدناه في موضع جالسًا فأملى علينا سبعين حديثًا، ثم التفت إلى القوم فقال: لولا هذا ما حدثتكم -يعني: أَبي.
قال أَبو بكر الأَثرم: أخبرني بعض من كان يطلب الحديث مع أَبي عبد اللَّه أَحمد بن حنبل. قال: ما زال أَبو عبد اللَّه بائنا من أصحابه. قال: ولقد فقدته يومًا عند إسماعيل ابن عُلَيّة فدخل وهو ابن أَقل من ثلاثين سنة، فما بقي في البيت أَحد إلا وسع له، وقال: هاهنا هاهنا.