تفرغ قوم للجدال وأغفلوا ... طريق التقى حتى غلا المتهور
وقاسوا بآراءٍ ضعافٍ وفرطوا ... ورأى الذي لا يتبع الحق أبتر
جزى اللَّه رب الناس عنا ابن حنبل ... وصاحبه خيرًا إذا الناس أحضروا
سميُّ نبي اللَّه أعني محمدًا ... فقل في ابن نوح والمقالةُ تقصر
سقى اللَّه قبرًا حله ما ثوى به ... من الغيث وسميا يروح ويبكر
هما صبرا للحق عند امتحانهم ... وقاما بنصر اللَّه والسيف يقطر
وأربعة جاءُوا من الشام سادة ... عليهم كبول بالحديد تسمر
دُعُوا فأبوا إلا اعتصاما بدينهم ... فأجلوا عن الأهلين طرًّا وسيروا
إلى البلد المشحون من كل فتنة ... وفي السجن كالسراق ألقوا وصيروا
فما زادهم إلا هدى وتمسكا ... بدينهم واللَّه بالخلق أبصر
إذا مُيِّز الأشياخُ يومًا وحُصِّلوا ... فأحمدُ من بين المشايخ جَوْهَرُ
رقيقٌ أدِيمُ الوجه حُلْوٌ مهذَّبُ ... إلى كل ذي تقوى وقورٌ موقَّرُ
أبيٌّ إذا ما خاف ضيمٌ مؤمَّر ... ومُرٌّ إذا ما خاشَنُوه مُذَكِّرُ
لعمرك ما يهوى لأحمد نكبةً ... من الناس إلا ناقص العقل مُعْوِرُ
هو المحنةُ اليومَ الذي يُبْتَلَى به ... فيعتبر السُّنِّيُّ فينا ويُسْبَرُ
شَجًى في حلوق الملحدين وقرة ... لأعين أهل النسك عفٌّ مشمِّر
فقا أعين المراق فعلُ ابن حنبل ... وأخرس من يبغي العيوب ويحقر
جرى سابقًا في حلْبة الصدق والتقى ... كما سبق الطّرْف الجَوَادُ المضَمَّرُ
وَبلَّد عَنْ إدراكه كلّ كَوْدَنٍ ... قَطُوف إذا ما حاول السبق يعثر
إذا افتخر الأقوامُ يومًا بسيِّد ... ففيه لنا -والحمد للَّه- مفخَرُ
فقل للأُلى يَشْنَوْنَه لصلاحه ... وصحته واللَّه بالعذر يعذِر
جُعِلتم فداءً أجمعين لنعله ... فإنكم منها أذل وأحقر