أريحانَةَ القُرّاء تَبْغُون عَثْرَةً ... وكلكم من جيفة الكلب أقذر
فيا أيها الساعي ليُدِركَ شأوَه ... رويدك عن إدراكه ستقصِّر
تمسك بالعلم الذي كان قَدْ وَعَى ... ولم يُلْهِهِ عنه الخَبِيصُ المزَعْفَرُ
ولا بغلة هِمْلاَجَة مغربية ... ولا حُلَّة تُطْوى مرارًا وتُنْشَرُ
ولا منزل بالساج والكِلسِ متقن ... ينقَّش فيه جِصُّه ويصوّرُ
ولا أمة بَرّاقةُ الجِيدِ بضَّةٌ ... بمنطقها تُصْبِي الحليم وتَسْحَر
حَمى نفسه الدنيا وقد سَنَحَت له ... فمنزلُه إلا من القُوتِ مُقْفِرُ
فإن يك في الدنيا مُقِلاًّ فإنه ... من الأدب المحمود والعلم مُكْثِرُ
وقل للألئ حادُوا معًا عن طريقه ... ولم يمكثوا حتى أجابوا وغيروا
فلا تأمنوا عُقْبَى الذي قد أتيتُمُ ... فإن الذي جئتم ضلال مزوَّر
فيا علماء السوءِ أين عقولكم ... وأين الحديث المسند المتحبر
ألا إنني أرجو النجاة ببعضكم ... وكل امريءٍ يشني الضلال يؤجر
تأسى بكم قوم كثير فأصبحوا ... لكم ولهم في كل مصر معيِّر
ويا تسعة كانوا كتسعة صالح ... نبي الهدى إذ ناقة اللهِ تعقر
نكصتم على الأعقاب حين امتحنتم ... ولم يكُ فيكمُ لذلك منكر
كتبتم بأيديكم حتوف نفوسكم ... فيا سوءتا مما يخط المقدر
وأشمتم أعداء دين محمد ... ولم تضرب الأعناق منكم وتنشر
فسبحان من يُعصى فيعفو ويغفر ... ويظهر إحسان المسيء ويستر
"المناقب" ص ٥١٧ - ٥٢٠، "المحنة" ص ٢٠٣ - ٢٠٨، "الجوهر المحصل" ص ١٤٨، "المنهج الأحمد" ١/ ١٢٥
قال إبراهيم بن إسحاق الغَسِيلي: أنشدني الهيضم بن أحمد لأبيه يرثي أحمد بن حنبل:
يا ناعيَ العلم بيوم أحمدا ... نعيت بحرًا كان يجري مُزبدَا
ومكرمات وتقى وسؤددا ... صلابة في دينه تجردا