للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمير على ما يحبس ابن أخي لم يجحد التنزيل، وإنما اختلفوا في التأويل، فاستحل منه ما استحل من الحبس الطويل، يا أيها الأمير، اجمع له الفقهاء والعلماء. قال أبي: ولم أذكر له أهل الحديث والآثار.

قال: فقال لي إسحاق: وترضى؟

قلت: نعم أيها الأمير، فمن فلحت حجته كان أغلب.

قال أبي: فقال لي ابن أبي ربعي: ماذا صنعت؟ تجمع على ابن أخيك المخالفين له، فيثبتون عليه الحجة وممن يريد ابن أبى دؤاد من أهل الكلام والخلاف؟ وهلا شاورتني في ذلك؟

قلت له: قد كان الذي كان.

قال أبي: ولما ذكرت لإسحاق بن إبراهيم ما بينا وبينه من الحرمة المتقدمة، قال لحاجبه محمد البخاري: يا بخاري، اذهب معه إلى ابن أخيه، فلا يكلم ابن أخيه بشيء إلا أخبرتني به.

فقال أبي: فدخلت على أبي عبد اللَّه ومعي حاجبه، فقلت له: يا أبا عبد اللَّه، قد أجاب أصحابك، وقد أعذرت فيما بينك وبين اللَّه، وقد أجاب أصحابك والقوم، وبقيت أنت في الحبس والضيق.

فقال لي: يا عم، إذا أجاب العالم تقية والجاهل يجهل، فمتى يتبين الحق؟ قال أبي: فأمسكت عنه.

فلما كان بعد أيام من لقاء أبي لإسحاق بن إبراهيم، وكلامه إياه، لقي إسحاق المعتصم فأخبره بقول ألي وما كلمه به، فغدونا بعد ذلك إلى الحبس وأردنا الدخول على أبي عبد اللَّه، على ما كنا نختلف، وكان في دارنا رجل يقال له: هارون، يختلف إلى أبي عبد اللَّه بطعامه من المنزل ويقضي حوائجه ويخدمه، فقيل لنا: قد حول الليلة أبو عبد اللَّه إلى دار إسحاق بن إبراهيم. فذهبت أنا وأبي وأصحابنا إلى دار إسحاق،

<<  <  ج: ص:  >  >>