للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأردنا الدخول على أبي عبد اللَّه والوصول إليه، فحيل بينا وبين ذلك، وجاء هارون بإفطار أبي عبد اللَّه وذلك في رمضان في خمس بقين من شهر رمضان سنة تسع عشرة ومائتين. فدفع هارون إفطار أبي عبد اللَّه إلى بعض الأعوان؛ ليوصله إلى أبي عبد اللَّه، فبعث إسحاق فأخذ الزنبيل الذي فيه إفطاره، فنظر إليه فإذا فيه رغيفان وشيء من قثاء وملح، فعجب إسحاق من ذلك. فلما كان الغد من اليوم الذي حول فيه أبو عبد اللَّه إلى دار إسحاق، ونحن عند باب إسحاق، إذ جاء أبو شعيب بن الحجام ومحمد بن رباح، فدخلا على أبي عبد اللَّه في دار إسحاق، ومعهما صورة السموات والأرض وغير ذلك.

قال أبو عبد اللَّه: فسألاني عن شيء ما أدري ما هو، قال أبو عبد اللَّه: فلما سألني ابن الحجام وابن رباح، قلت: ما أدري ما هذا، وما أعرف ما هذا.

قال: ثم قلت لابن الحجام في كلام بيني وبينه: ويحك بعد طلبك العلم والحديث، صرت إلى هذا! وسألته عن علم اللَّه ما هو؟

فقال: علم اللَّه مخلوق. فقلت له: كفرت باللَّه العظيم يا كافر.

فقال لي رسول إسحاق وكان معه: هذا رسول أمير المؤمنين. فقلت له: إن هذا كفر باللَّه. فقلت لصاحبه ابن رباح الذي جاء معه: إن هذا -أعني ابن الحجام- قد كفر، زعم أن علم اللَّه مخلوق.

فنظر إليه، وأنكر علي مقالته، وقال: ويحك، ماذا قلت؟

ثم انصرفنا، قال حنبل: فبلغني ما روي عن أبي شعيب بن الحجام، وأنه قال لما خرج من عند أبي عبد اللَّه قال: ما رأيت لهذا نظيرا، فعجبت من هذا الذي هو فيه، وعظته لي وتوبيخه إياي.

وقال أبو عبد اللَّه: قال لي إسحاق، لما دخلت عليه في السجن:

<<  <  ج: ص:  >  >>