للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا عندي خبر، قلت: ما أدري ما هذا؟ ما أعرف هذا، فيقولون: يا أمير المؤمنين، إذا توجهت له الحجة علينا وثب علينا، وإذا كانت عليه قال: لا أدري ما هذا.

قال أبو عبد اللَّه: وكان أبو إسحاق لا يعلم ولا يعرف ويظن أن القول قولهم ولا يدري فيقول: يا أحمد، اتق اللَّه في نفسك، إني عليك مشفق.

قال حنبل: ست أبا عبد اللَّه يقول: قال له ابن أبي دؤاد -يعنى لأبي إسحاق- لما انقطع أصحابه: واللَّه الذي لا إله إلا هو، يا أمير المؤمنين، لئن أجابك لهو أحب إليَّ من مائة ألف، ومائة ألف عدد مرارا كثيرة، وكان شعيب وبرغوث أشدهما لإباحة دمي، وكان عبد الرحمن ألينهم قولًا.

قال أبو عبد اللَّه: وقد كنت في اليوم الذي حدث من أمري ما حدث -يعني: اليوم الثالث جاءني ابن أبي دؤاد فقال: يا أحمد، إنه قد حلف أن يضربك ضربًا شديدًا، وأن يحبسك في أضيق الحبوس، فكلمت رجلا، فطلب لي خيطا، فجعلته في تكتي، وخشيت أن تتفلت السراويل، لما لم يكن فيه تكة، ولما أدخلت عليه في اليوم الثالث، وعنده ابن أبي دؤاد وأصحابه، قال: ناظروه وكلموه، فدار بيننا كلام كثير.

قال: واحتجوا علي يومئذ، فقالوا: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} (١).

فقلت له: يا أمير المؤمنين {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}، هذا يا أمير المؤمنين ينصرف على غير القرآن، وليست فيه ألف ولا لام، {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} فهذا هو القرآن يا أمير المؤمنين، ليس عندهم تمييز لهذا ولا بيان، فعلام تدعوني إليه؟ لا من كتاب اللَّه ولا من سنة نبيه، تأويل


(١) هكذا هنا، والصواب أنهم احتجوا بقوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} كما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>