هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ السَّائِبِ، أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ، صَلَّى بِأَصْحَابِهِ قَاعِدًا وَهُمْ قُعُودٌ فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ مِنْ وَجَعٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، قَالَ أَحْمَدُ: كَذَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ وَفَعَلَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَقَيْسُ بْنُ قَهْدٍ، وَجَابِرٌ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ أَحَقَّ النَّاسِ بِالِاسْتِدْلَالِ بِفِعْلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَنْسُوخٍ مَنْ جَعَلَ مَشْيَ ابْنِ عُمَرَ بَعْدَ بَيْعِهِ، بِأَنَّهَا أَحَدُ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ الِافْتِرَاقَ فِي الْبُيُوعِ افْتِرَاقُ الْأَبْدَانِ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: ابْنُ عُمَرَ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِمَّنْ بَعْدَهُ، فَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ فِيمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَمْرُهُ الَّذِينَ صَلَّوْا خَلْفَهُ قِيَامًا بِالْقُعُودِ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٌ، ثُمَّ اسْتَعْمَلُوا ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَجَبَ كَذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقَائِلِ أَنْ يَقُولَ: أَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرٌ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَبِنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ مِمَّنْ بَعْدَهُ.
وَلَوْ لَمْ تَخْتَلِفِ الْأَخْبَارُ فِي أَمْرِ أَبِي بَكْرٍ فِي مَوْضُوعِ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَمْ يَجُزِ الِانْتِقَالُ عَمَّا سَنَّهُ النَّبِيُّ ﷺ لَهُمْ وَأَمَرَهُمْ بِالْقُعُودِ، وَإِذَا صَلَّى إِمَامُهُمْ قَاعِدًا؛ لِأَنَّ الَّذِي افْتَتَحَ بِهِمُ الصَّلَاةَ أَبُو بَكْرٍ، فَوَجَبَ عَلَيْهِمُ الْقِيَامُ لَقِيَامِ أَبِي بَكْرٍ بِهِمْ، مِمَّا لَمْ يَحْدُثْ بِإِمَامِهِمُ الَّذِي عَقَدَ بِهِمُ الصَّلَاةَ بِأَنَّهَا عِلَّةٌ فَوَجَبَ الْجُلُوسُ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَفْعَلُوا كَفِعْلِ إِمَامِهِمْ، وَإِنْ تَقَدَّمَ إِمَامٌ غَيْرُ الْإِمَامِ الَّذِي عَقَدُوا الصَّلَاةَ مَعَهُ، فَصَلَّى جَالِسًا فَلَيْسَ عَلَيْهِمُ الْجُلُوسُ مَادَامَ الْإِمَامُ الَّذِي عَقَدُوا الصَّلَاةَ مَعَهُ قَائِمًا، فَإِذَا كَانَتِ الْحَالُ هَكَذَا فِي حُدُوثِ إِمَامٍ بَعْدَ إِمَامٍ اسْتُعْمِلَ مَا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ فِي مَرَضِ النَّبِيِّ ﷺ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَإِذَا كَانَ مِثْلَ الْحَالِ الَّذِي صَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ ﷺ فِي مَنْزِلِهِ، وَافْتَتَحَ بِهِمُ الصَّلَاةَ قَاعِدًا فَعَلَيْهِمُ الْقُعُودُ بِقُعُودِهِ، فَيَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute