للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ، وَبِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِيمَا مَضَى مِنَ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَالنَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالنَّهْيِ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ قَدْ عَمَّ بِالنَّهْيِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِمَّا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ شَيْئًا، فَإِذَا خَصَّ النَّبِيُّ مِنَ الْجُمْلَةِ شَيْئًا وَجَبَ أَنْ يُسْتَثْنَى مَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ، وَيَبْقَى كُلُّ مُخْتَلِفٍ فِيهِ دَاخِلًا فِي النَّهْيِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى غَيْرُ جَائِزٍ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي جُمَلِ مَا قَالُوهُ.

وَقَالَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِخَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» قِيلَ لَهُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُدْفَعَ بِهَذَا الْخَبَرِ أَخْبَارٌ ذَوَاتُ عَدَدٍ، وَذَلِكَ لِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ ابْنَ وَعْلَةَ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ حَدِيثَيْنِ، أَحَدُهُمَا هَذَا الْحَدِيثُ وَالْآخَرُ حَدِيثُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَقَدْ خَالَفَهُ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ حُفَّاظُ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَعَطَاءٌ، وَعِكْرِمَةُ، فَخَالِفُوا ابْنَ وَعْلَةَ عَلَى سَبِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ، فَزَعَمَ ابْنُ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ، وَجَعَلَ أُولَئِكَ الْخَبَرَ مَخْصُوصًا فِي جِلْدِ شَاةٍ مَيِّتَةٍ، وَجَعَلَهُ ابْنُ وَعْلَةَ عَامًّا فَفِي مُخَالَفَةِ هَؤُلَاءِ الْحُفَّاظِ إِيَّاهُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ مَا تَبَيَّنَ غَلَطُهُ، وَدَلَّ عَلَى سُوءِ حِفْظِهِ وَلَوْ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى غَلَطِ الْمُحَدِّثِ بِمُخَالَفَةِ الْحُفَّاظِ إِيَّاهُ مَا عُرِفَ غَلَطُهُ فِي حَدِيثٍ أَبَدًا وَلَوْ كَانَ خَبَرُهُ يُثْبِتُ مَا جَازَ أَنْ يُدْفَعَ بِهِ نَهْيُ النَّبِيِّ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ لِعِلَّتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنَّ خَبَرَهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ إِنَّمَا هُوَ أَنَّ النَّبِيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>