للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ». وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى جُلُودُ السِّبَاعِ أُهُبًا، فَحَكَى النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تُسَمِّي جُلُودَ السِّبَاعِ أُهُبًا وَأَنَّ الْأُهُبَ عِنْدَهَا فِي جُلُودِ الْأَنْعَامِ خَاصَّةً.

فَإِنِ اعْتَرَضَ مُعْتَرِضٌ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ يَحْتَجُّ بِبَيْتِ شِعْرٍ قَالَهُ عَنْتَرَةُ الْعَبْسِيُّ، فَرَوَاهُ عَلَى غَيْرِ مَا يَجِبُ وَهُوَ قَوْلُهُ:

[البحر الكامل]

فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ إِهَابَهُ … لَيْسَ الْكَرِيمُ عَلَى الْقَنَا بِمُحَرَّمِ

فَقَدْ أَنْكَرَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَقَالُوا: الْمَعْرُوفُ فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ ثِيَابَهُ، فَإِذَا بَطَلَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبْطُلَ بِغَلَطِ مَنْ غَلِطَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ أَنْ أُسَمِّيَ الْجُلُودَ أُهُبًا، وَإِذَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ لِمُدَّعٍ فِي خَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ حُجَّةَ، قَالَتْ: وَلَوْ سَمَحْنَا بِأَنْ يَثْبُتَ خَبَرُ ابْنُ وَعْلَةَ، وَسَمَحْنَا بِأَنْ يُوقَعَ اسْمُ الْإِهَابِ عَلَى الْجِلْدِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُدْفَعَ بِخَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ الْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَلَوْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ إِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ، أَيْ أُهُبِ مَا تُؤْكَلُ لُحُومَهَا وَيَكُونُ نَهْيَهُ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ مَنْصُوصًا مُفَسِّرًا فِي جُلُودِ السِّبَاعِ وَلَا يَكُونُ قَدْ دُفِعَ بِالْخَبَرِ الْعَامِّ الْمُبْهَمِ الْخَبَرَ الْمَنْصُوصَ الْمُفَسَّرَ، وَقَدْ أَجْمَعَ عَوَامُّ مَنِ احْتَجَّ بِخَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِجَلْدِ الْخِنْزِيرِ، وَإِنْ دُبِغَ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَذَلِكَ فِي جِلْدِ الْكَلْبِ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يُسْتَثْنَى بِرَأْيِهِمْ مِنْ جُمْلَةِ خَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ فِي نَهْيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>