الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَزُولَ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ إِلَّا صَلَاةً فَاتَتْهُ أَوْ عَلَى جَنَازَةٍ أَوْ عَلَى أَثَرِ طَوَافٍ أَوْ صَلَاةٍ لِبَعْضِ الْآيَاتِ، وَكُلَّمَا يَلْزَمُ مِنَ الصَّلَوَاتِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُصَلِّي كُلَّ الْوَقْتِ مَا خَلَا الْأَرْبَعَ سَاعَاتٍ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَرْتَفِعَ، وَإِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ وَإِذَا احْمَرَّتِ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَغِيبَ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَكْثَرُ مَنْ رَأَيْتُ مِمَّنْ كَانَ يُشَدِّدُ وَيَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِنَّمَا يَحْتَجُّ بِأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا كَانَ يَقُولُ: لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ، وَلَا غُرُوبَهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ مَذْهَبَهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ.
١١٠٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْأَعْمَى، يُخْبِرُ عَنْ رَجُلٍ، يُقَالُ لَهُ السَّائِبُ مَوْلَى الْفَارِسِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ رَآهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَمَشَى إِلَيْهِ حَتَّى ضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَهُوَ يُصَلِّي كَمَا هُوَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: زِدْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللهِ لَا أَدَعُهُمَا بَعْدُ إِذْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يُصَلِّيهِمَا، فَجَلَسَ إِلَيْهِ عُمَرُ، فَقَالَ: «يَا زَيْدُ بْنَ خَالِدٍ، لَوْلَا أَنْ أَخْشَى أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُلَّمًا إِلَى الصَّلَاةِ حَتَّى اللَّيْلِ لَمْ أَضْرِبْ فِيهِمَا».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَفِي هَذَا بَيَانُ مَعْنَى نَهْيِ عُمَرَ وَأَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُلَّمًا إِلَى الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ عَنْهُ مِنْ نَهْيِهِ أَنْ يَتَحَرَّى طُلُوعَ الشَّمْسِ وَغُرُوبَهَا بِالصَّلَاةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute