الحارث المحاسبي وأبو العباس القلانسي ثم أبو الحسن الأشعري فإنه لما ترك مذهب المعتزلة النفاة، سلك مسلك ابن كلاب، وهؤلاء الذين سلكوا هذا المسلك يلقبون بنُظار أهل الحديث هذا وأشهر البدع التي خالف فيها ابن كلاب وأتباعه من الكلابية مذهب أهل الحق ما يلي:
١- القول بنفي الصفات الاختيارية الفعلية الثابتة لله - سبحانه وتعالى - دون قيام الحوادث به، ويقصدون بذلك نفي كون الصفات الفعلية متعلقة بمشيئته سبحانه، فلا يجعلون الكلام مثلاً متعلقاً بمشيئته إن شاء تكلم، وإن لم يشأ لم يتكلم.
قالوا بهذا لنفي الحوادث عن الله، وتنزيهه عنها، ولأن إثبات الصفات الفعلية يلزم منه التسلسل كما يزعمون.
٢- زعموا أن الله لم يزل يتكلم بالقرآن، بخلاف قول أهل السنة، إنه إنما تكلم الله بالقرآن حين خاطب جبريل، وكذلك سائر الكتب.
٣- قالوا في حروف القرآن ومعانيه: (إن المعاني التي هي معاني الحروف المنتظمة، هي معنى واحد في نفسه، والأمر والنهي والخبر صفات لموصوف واحد، فالذي هو الأمر هو الخبر، والذي هو الخبر هو النهي، وقالوا: إن ذلك الواحد إن عبر عنه بالعربية كان قرآناً، وغن عبر عنه بالعبرية كان توراة، وإن عبر عنه بالسيريانية كان إنجيلاً".