وهذا الذي ذكره الشاطبي من معاني السنة هو الذي كان رائجاً في العصر الأول، فقد كان السلف يطلقون اسم السنة بهذا المفهوم، وهو ما يتلاءم مع هذا السياق: في بيان المراد بفعل الشارع وفي الحديث عن البدعة ...
وبهذا المفهوم العام للفظ السنة أو مراد الشارع أو فعله تدخل سائر الأحكام الشرعية الواجبة والمندوبة، والمباحة والمحرمة والمكروهة، سواء كانت متعلقة بالأعمال أو الأقوال أو الاعتقادات، وسواء كانت فعلاً أو تركاً ...
وبإيجاز: كل ما يتعلق به الخطاب الشرعي، وعلى هذا فإنه يجب أن ينظر إلى أفعال البشر وتصرفاتهم وفق هذا الميزان الشرعي، فإن كانت موافقة لمراد الشرع عُمل بها وإن لم تكن كذلك رُدت وهذا ما سبق بيانه تحت عنوان:(البدعة هي ما ليس له أصل في الدين) .
[٢- وأما فعل المكلف:]
فيراد به كل عمل يقوم به بالجوارح أو باللسان أو بالجنان، في مجال العبادات أو المعاملات أو العادات.
وهذه الأفعال لا تخرج بحال من الأحوال عن النظر الشرعي؛ لأنه ما من فعل إلا ولله - سبحانه وتعالى - فيه مراد وحكم:[أيحسب الإنسان أن يترك سدى] ، [وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون] .
وهذا الحكم الإلهي والمراد الشرعي لله سبحانه وتعالى قد يكون منصوصاً عليه باللفظ، وقد يكون مستنبطاً من لفظ الشارع، أو من سكوته، أو من أصول ومقاصد وكليات وقواعد بنيت على النصوص الشرعية ... وما إلى ذلك مما