أما لفظ محدث وبدعة ومعناهما اللغوي، فلا يتعلق بهما على خصوصهما مدح أو ذم، ولكنهما بالمعنى الشرعي مذمومان.
فما من شيء ٍ حدث بعد أن لم يكن حادثا ً ووجد بعد أن لم يكن موجوداً إلا ويطلق عليه من جهة اللغة " محدث " و " بدعة "، والمصطلح الشرعي الوارد في لفظ الحديث:((وإياكم ومحدثات الأمور)) هو المقصود بالذم والتحذير، وليس هناك بدعة بالمعنى الشرعي إلا وهي باطلة وضلالة.
أما قوله (وإنما يذم من البدعة ما خالف السنة) فإنه ما من بدعة ٍ إلا وهي مخالفة للسنة على وجه العموم أو الخصوص، فإذا تقرر ذلك فإن سائر البدع مذمومة ...
فإن كان المراد أنه إنما تذم البدع المخالفة لسنة في مقابلها على وجه الخصوص، فهذا تخصيص لقاعدة " كل بدعة ضلالة " بغير مخصص، وقد سبق الكلام عن هذا عند مناقشة تعريف الغزالي ...
أما قوله:(ويذم من المحدثات ما دعا إلى ضلالة) ، فمنطبق على سائر البدع؛ لأن كل بدعة ضلالة في ذاتها داعية إلى الضلال، وذلك من مقتضياتها، ولربما قصد القاضي ابن العربي - رحمه الله - بهذه الجملة أنها إنما يذم المحدث الداعي إلى ضلالة، بخلاف المحدث الداعي إلى الهدى، وهذا ما يفهم من سياق حديثه عن البدعة..
وهذا الفهم مجانب للصواب، فليس هناك محدثة داعية إلى هدى، وإلا لبطل معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: " كل بدعة ضلالة "، ولأصبح كل مبتدع يدعي أنه ببدعته المحدثة داع ٍإلى هدى.. فلا يكون حينئذٍ مجال للإنكار على أي مبتدع لا سيما إذا علمنا أن كل مبتدع إنما يقصد ببدعته التقرب إلى الله، وهذا هو الهدى عنده.
٧- قول يوسف السيد هاشم الرفاعي: ( ... البدعة هي ما صادم نصا ً أو خالف هدى الرسول صلى الله عليه وسلم أو ترتب عليه مفسدة، وهذا هو معنى قول علمائنا إن البدعة المضلة الواردة في الحديث الشريف هي المنافية لأمر