(فليس كل ما أبدع منهيا ً عنه، بل المنهي بدعة تضاد سنة ثابتة، أو ترفع أمرا ً من الشرع مع بقاء علته ... ) .
قوله:(فليس كل ما أبدع منهيا ً عنه) يحتمل البدع الشرعية والبدع الدنيوية، فأما الشرعية فمنهي ٌ عنها كلها بلا استثناء، وأما الدنيوية فالأصل فيها الإباحة ويدخلها الابتداع بالشروط السابقة في الفصل السابق، ومقصد كلام الغزالي كما يظهر من سياق الكلام وسياقه: البدع الدنيوية؛ لأنه كان يرد على من قال بأن الموائد والمناخل والشبع من البدع.
وقوله:(بل المنهي بدعة تضاد سنة ثابتة، أو ترفع أمرا ً من الشرع مع بقاء علته) عليه مآخذ:
أ. المضاد للسنة والرافع لأمر من الشرع مع بقاء علته يصح أن يكون معصية، كما يصح أن يكون بدعة.
ب. اعتبار البدعة المنهي هي المضادة للسنة أو الرافعة للحكم الشرعي الثابت، اعتبار يتعلق به أكثر أهل البدع، وخصوصاً في البدع الإضافية.
نعم لا توجد بدعة إلا ويرفع مثلها في السنة، ولكن ذلك على وجه العموم، فقد توجد بدع لا يقابلها سنة أصلا ً، وهذا هو الفهم الصحيح للأثر:((ما من أمة ٍ تحدث في دينها بدعة إلا أضاعت مثلها من السنة)) .
فرفع السنة لا يشترط فيه أن تكون في مقابل البدعة على التخصيص، بل إذا قابل البدعة سنة رفعت إحداهما بالأخرى، ولكن يحدث بدع لا يقابلها على وجه الخصوص سنن.