للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا التعريف مآخذ:

أ. قوله (المخالفة للسنة) يشمل البدعة والمعصية، فكلتاهما مخالفة للسنة، وعليه فالتعريف غير منضبط.

ب. قوله (لأن قائلها ابتدعها) وهذا قد يفهم منه حصر البدع في جانب القول فقط، وهذا غير صحيح فالبدع تكون بالقول والعمل والاعتقاد، فعلا ً أو تركا ً.

ج. قوله (من غير مقال إمام) وهذا من أكبر متعلقات المبتدعة في تسويغ بدعهم إذ يقولون: الإمام الفلاني قال كذا، والعالم الفلاني فعل كذا، مستدلين بذلك على جواز الفعل المحدث.

وقد سبق الكلام عن اتباع العوائد والمشايخ وأنه من أسباب الابتداع في دين الله، ((اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله)) الآية، وهذا القيد الذي جعله الجرجاني للبدعة لا يبقي للبدعة معنى ً، إذ كل مبتدع له إمام يتبعه ويقتدي به، ويسلك مسلكه، ويحتج بقوله أو فعله ...

والأصل الذي تقرره الأدلة وسار عليه السلف الصالح أنه ما من إمام ٍ ولا عالم ٍ ولا ذي فضل ٍ يستقل قوله أو فعله دليلا ً، بل هو في حاجة ٍ إلى الدليل، فإن وافق الدليل أخذ به، وإن خاله رد على صاحبه كائنا ً من كان ...

وللإنصاف لا بد من ذكر تعريف آخر جعله الجرجاني، بعد التعريف السابق وهو قوله:

(البدعة هي الأمر المحدث الذي لم يكن عليه الصحابة والتابعون، ولم يكن مما اقتضاه الدليل الشرعي) .

وهذا تعريف مقارب، غير أنه ليس بجامع ولا مانع، إذ لا يوجد فيه شرط قصد القربة، ويمكن أن يدخل فيه كل محدث، وإن كان من الأمور العادية التي لا ابتداع فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>