أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب القطان البصري، أحد المتكلمين في أيام المأمون، وصاحب التصانيف في الرد على الجهمية والمعتزلة، تتلمذ عليه داود الظاهري والحارث المحاسبي، وعنه أخذ الكلام، وكانت له مع المعتزلة مناظرات ومناقشات في إثبات الصفات لله - سبحانه وتعالى-، توفي بعد الأربعين ومائتين بقليل.
ويعتبر ابن كلاب من متكلمة الصفاتية، وطريقته يميل فيها إلى مذهب أهل الحديث والسنة، لكنها فيها نوع من البدعة، وكان ممن انتدب للرد على الجهمية النفاة، والمعتزلة الجهمية، ولذلك فقد اتهموه بالبدعة ومواطأة قول النصارى، ولكن هذا من الكذب عليه (وإنما افترى هذا عليه المعتزلة والجهمية، الذين رد عليهم فإنهم يزعمون أن من أثبت الصفات فقد قال بقول النصارى) .
ولما رد ابن كلاب على الجهمية وقع في بدع أخرى، وسلك مسالك مبتدعة في تقرير الصفات، اضطره إلى ذلك المسلك الكلامي الذي سار عليه، وعدم اتباهه لأصل كلام الجهمية الذي أحدثوه، ولكنه مع ذلك له فضله في الرد على الجهمية نفاة الصفات، والعلو؛ إذ بسط القول ووضع الدلائل وأظهر الحجج في هذا الباب، حتى صار قدوة لمن بعده وإماماً، وممن اتبعه