لم يكن ظهور البدع في دين الإسلام على شكل طفرة في زمن واحد وبشكل مفاجئ، وإنما كان ذلك في أزمنة مختلفة متباعدة، وبهيئات وكيفيات متنوعة، وفي أشخاص وثبات وجماعات متباينة.
وكلما ظهرت شمس النبوة في مكان أو زمان، أو شخص أو جماعة، اختفت حنادس البدع، وكلما حجبت أنوار الرسالة، بدت دياجير ظلام الهوى والابتداع، ولذلك فسوف أعرض لتاريخ البدع هنا بإيجاز، على حسب الفترات التاريخية، ذاكراً أهم البدع وأغلظها في كل فترة، لأجمع بين المنهجين اللذين ذكرهما شيخ الإسلام في ترتيب الناس لأهل الأهواء، إذ إن (... منهم من يرتبهم على زمان حدوثهم، فيبدأ بالخوارج، ومنهم من يرتبهم بحسب خفة أمرهم وغلظه..) .
[الفترة الأولى:"فترة ما قبل ظهور البدع".]
من بعثته - صلى الله عليه وسلم - حتى عام ٣٥ هـ.
فيها بعث المصطفى - عليه السلام - فنشر الإسلام، وأقام على طريق الجنة المعالم بسيرته وسنته، وبه اقتدى ذلك الرهط الكريم.