وعند الصوفية اعتقاد الولاية لفلان، وأنه أعظم من الأنبياء أو مساوٍ لهم إلا أنه لا يوحى إليه، ولا يحق للمريد أن يعترض أو يرفض أمر الشيخ، فإن ذلك نقص ٌ في الاتباع حتى قالوا: ليكن المريد بين يدي شيخه كالميت بين يدي الغاسل، وحتى عند أصحاب البدع الكلامية الذين يزعمون أن طريقتهم في الاعتقاد برهانية يقينية، يجعلون كلام أساتذتهم وقواعدهم الفلسفية من المسلمات التي لا يصح الاعتراض عليها، فضلاً عن نقضها، ولهذا فإنك تجد المتعزلي يقرر قاعدة بدعية ويستدل عليها بقوله - مثلا ً - وقد تقرر برهان هذه القاعدة في مسألة الحسن والقبح، وكذلك يفعل الأشعري، وعندما تعود إلى قاعدتهم تجدها من بدع مشايخهم أهل الكلام ...
وأما اتباع العوائد فيظهر مثالها في الأيام المخصصة بنوع ٍ من العبادات المبتدعة، فيحتج المبتدع بأن هذا الفعل اعتاده الناس منذ كذا وكذا، وجرى العمل به في الأقطار، وتلقاه الناس جيلا ً فجيلا ً، وأمثال ذلك من الحجج الواهية.
ومن أسباب الابتداع:
[٦- سوء الفهم للقرآن والسنة: وعدم معرفة أقوال السلف:]
أما سوء الفهم للقرآن فقد مرَّ قول جابر الجعفي - أحد أئمة الشيعة الإمامية - في قوله تعالى:((فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي)) ، ومثل ذلك فهم بعض الصوفية لقوله تعالى:((وعلمناه من لدنا علما ً)) ، وأن المراد به العلم اللدني الذي يؤتاه الولي، فيكون بمثابة الوحي المعصوم وبنوا على ذلك أن الولي أفضل من النبي أو في منزلة مساوية له.
ومثال ذلك استدلال الخارجي على أن أهل الكبائر في النار يوم القيامة بقوله تعالى: ((فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه