للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنها مستندة إلى شبهة لا إلى دليل ... ) .

ومراده بهذا الاستناد ما سلف تفصيلة في شأن الأدلة التي يعتمد عليها المبتدع, ولا بأس من ذكر ذلك مختصراً لاحتياج هذا المقام إليه:

الأدلة التي يعتمد عليها المبتدع تنقسم إلى قسمين:

الأول: أدلة غير معتبرة شرعاً, وهي إما أن تكون غير شرعية كالذوق والوجد, والرأي, والهوى, فما أنبنى على شيء من هذه الأدلة فهو بدعة حقيقية.

وإما أن تكون أدلة شرعية غير ثابتة كالأحاديث الموضوعة والمتفق على ضعفها, فالبدعة فيها حقيقية وإنما سميت شرعية مع أنها غير ثابتة لكونها منسوبة إلى الشريعة ومأخوذة في زعم صاحبها من الوحي.

فإن كانت الأدلة الشرعية التي يعتمد عليها المبتدع مختلف في ثبوتها أو ضعفها بين العملاء المعتبرين المشهود لهم بالتقوى وإتباع السنة فتكون البدع المبينة على هذا النوع, من البجع الإضافية بل قد تقترب إلى حد المشروعية وتصل إلى أن تكون سنة محضة, وسيأتي بيان ذلك عند أقسام البدعة الإضافية ...

الثاني: أدلة معتبرة شرعاً, ويكون النظر فيها من جهة استدلال المستدل بها, فإن كان له نوع شبهة في استدلاله كأن يكون للبدعة شائبة تعلق بهذا الدليل فهي إضافية وإن لم يكن فهي حقيقة ...

وهذا هو معنى قول الشاطبي عن البدعة الإضافية: ( ... أي أنها بالنسبة إلى إحدى الجهتين سنة لأنها مستندة إلى دليل, وبالنسبة إلى الجهة الأخرى بدعة لأنها مستندة إلى شبهة لا إلى دليل ... ) . وقوله عند ذكر الفرق بين البدعة الإضافية والحقيقية من جهة المعنى: (والفرق بينهما من جهة المعنى أن الدليل عليها من جهة الأصل قائم, ومن جهة الكيفيات أو الأحوال أو التفاصيل لم يقم عليها ... ) .

هذا هو الجانب الأول, وهو في النظر إلى البدعة من جهة الدليل أم الجانب الثاني, وهو النظر إلى البجعة من جهة التصاقها بالعمل المشروع أو انفصالها عنه, وقد سبق تفصيل هذا, ولابد من ذكر ما يتلاءم مع هذا المقام أيضاً فيقال:

الغالب في البدعة الإضافية أن تلتصق بالعمل المشروع وتخالطه, والغالب في الحقيقية العكس, مع أنه لا بد من ملاحظة الدليل الذي استندنا عليه في حالتي الالتصاق والانفراد.

فإذا التصقت البدعة بالعمل المشروع فلا يخلو من أن تصبح وصفاً للمشروع غير منك عنه أولاً, فإن أصبحت وصفاً غير منك فبدعة حقيقية, وإن لم تصبح وصفاً للمشروع غير منفك عنه فبدعة إضافية, حتى ولو صارت مختلطة بالعمل المشروع إلى حد أن يفتقد أن من أجزائه أو من أوصافه....

والفرق بين هذا المعنى والسابق في البدعة الحقيقية, أ، جانب الابتداع في الحقيقية هو الغالب والطاغي, لكونه أصبح وصفاً لازماً غير منفك.

بينما هو في الإضافية وصف من الأوصاف, وجزء من الأجزاء, وهو غير غالب وال طاغ على المشروع, بيد أن البدعة الإضافية تختلف مراتبها ودرجاتها باختلاف تعلقها بالدليل وبالعمل المشروع, وهذا ما سيأتي بيانه تخت هذا العنوان.

[أقسام البدعة الإضافية:]

قسمها الشاطبي رحمه الله إلى قسمين فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>