وهذا هو قطب رحي الدين، وحبله المتين، وحصنه الحصين، وعروته الوثقي التي لا تنفصم، والطريق الوحيد، الذي يوصل إلى الله - سبحانه وتعالى -، والنور المضيء الذي تحيا به القلوب، والنفوس وتستقيم به الحياة كلها والضرورة اللازمة لاستمرار الحياة.
وهو سبب الرسالة التي هي: ضرورية في إصلاح العبد في معاشه ومعادته، فكما أنه لا صلاح له في آخرته إلا بإتباع الرسالة، فكذلك لا صلاح له في معاشه ودنياه إلا بإتباع الرسالة، فإن الإنسان مضطر إلى الشرع ... والشرع نور الله في أرضه، وعدله بين عباده، وحصنه من دخله كان آمنا ... والدنيا كلها ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ما أشرقت عليه شمس الرسالة، وأسس بنيانه عليها، ولا بقاء لأهل الأرض، إلا ما دامت آثار الرسل موجودة فيهم، فإذا درست آثار الرسل من الأرض، وانمحت بالكلية، خرب الله عالم العلوي والسفلي، وأقام القيامة.
وليست حاجة أهل الأرض إلى الرسل، كحاجتهم إلى الشمس والقمر، والرياح والمطر، ولا كحاجة الإنسان إلى حياته، ولا كحاجة العين إلى ضوئها، والجسم إلى الطعام والشراب.... بل أعظم من ذلك وأشد حاجة من كل ما يقدر ويخطر بالبال، فالرسل وسائط وبين خلقه، في أمره ونهيه، وهم السفراء بينه وبين عبادة ".
ومدار السعادة الدنيوية والأخروية: على الاعتصام بالله، والاعتصام بحبله.