(وكان الله غفورا ً) سمى نفسه بذلك، وذلك قوله، أي لم يزل كذلك، فإن الله لم يرد شيئا ً إلا أصاب به الذي أراد، فلا يختلفنَّ عليك القرآن، فإن كلا ً من عند الله) .
٣- الإيقان بأن لا تعارض بين العقل الصريح والنص الصحيح مطلقا ً:
فلما تخلف هذا الإيقان عند بعض المبتدعة، وضعوا ما أسموه بالقانون الكلي للتوفيق بين العلق والنقل أو قانون التأويل.
فقالوا: إذا ما تعارضا فإما أن يجمع بينهما وهذا محال؛ لأنه جمعٌ بين النقيضين، وإما أن يردا جميعا ً، وإما أن يقدم السمع وهو محال؛ لأن العقل أصل النقل، فلو قدمناه عليه كان ذلك قدحاً في العقل الذي هو أصل النقل، والقدح في أصل الشيء قدح ٌ فيه، فيجب تقديم العقل، ثم النقل إما أن يتأول وإما أن يفوض
وقد بنى أصحاب هذا القانون بدعاً كلامية، قادت إلى بدع ٍ في العمل والاعتقاد، مع أن القاعدة الصحيحة في هذا والتي هي من مقاصد الشريعة الإسلامية: أن العقل والنقل إذا كانا قطعيين، فلا يجوز تعارضهما؛ لأن الدليل القطعي هو الذي يجب ثبوت مدلوله.
فإن كان أحد المدلولين المتعارضين قطعيا ً دون الآخر، فإنه يجب تقديم القطعي على الظني، سواءً كان هو السمعي أو العقلي وأما إن كانا جميعاً ظنيين فإنه يصار إلى طلب ترجيح أحدهما، فأيهما ترجَّحَ كان هو المقدم سواء ً كان سمعيا ً أو عقليا ً وهذا هو قانون درء تعارض العقل والنقل.