للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن يكون الاستنباط من النص الشرعي الصحيح غير سليم.

الثالث: أن ما أسموه قياساً ليس من القياس المعتبر شرعاً، بل هو قياس فاسد.

وفي هذا المعنى وضع شيخ الإسلام قاعدة بناها على الاستقراء فقال: (وبالجملة فما عرفت حديثاً صحيحاً إلا ويمكن تخريجه علىر الأصول الثابيته وتدبرت ما أمكنني من أدلة الشرع، فما رأيت قياساً صحيحاً يخالف حديثاً صحيحاً، كما أن المعقول الصريح لا يخالف المنقول الصحيح، بل متى رأيت قيساً يخالف أثراً فلابد من ضعف أحدهما، لكن التمييز بين صحيح القياس وفاسدة مما يخفي كثيراً منه على أفضال العلماء، فضلاً عمن هو دونهم ... ) ، بل لقد ذهب شيخ الإسلام إلى أبعد من هذا، فبعد أن ذكر فتاوى الصحابة وأقسامها، وبعض الأمثلة على فتاواهم التي ظن أنها تخالف القياس قال: (وإلى ساعتي هذه ما علمت قولاً قاله الصحابة ولم يختلفوا فيه إلا وكان القياس معه، ولكن العلم بصحيح القياس وفاسدة من أجل العلوم، وإنما يعرف ذلك من كان خبيراً بأسرار الشرع ومقاصده ... ) .

الرابع: أن الأحكام الشرعية التي قال فيها القياسيون أنها مخالفة للقياس قد أجيب عنها بما يتوافق مع الوجه السالف، مع أن المسألة لا تعدو الاحتمالات الثلاثة السابقة، فإنما نص شرعي ثابت، وحكم صحيح مستنبط منه، وقياس سليم فلا يمكن أن تتعارض مطلقاً، وقد رد شيخ الإسلام على جملة من مسائل الأحكام التي قيل فيها أنها مناقضة للقياس، وتابعه في ذلك ابن القيم وزاد عليه، وقال في آخر كلامه: (فهذه نبذه يسيرة تطلعك على ما وراءها من أنه ليس في الشريعة شيء يخالف القياس، ولا في المنقول عن الصحابة الذي لا يعلم لهم فيه مخالف، وأن القياس الصحيح دائر مع أوامرها ونواهيها وجود أو عدماً، كما أن المعقول الصحيح دائر مع أخبارها وجوداً وعدماً، فلم يخبر الله ولا رسوله

<<  <  ج: ص:  >  >>