إذ القياس محل اجتهاد ونظر عقلي، والنص نقل شرعي، فإذا قال القياسي هذا الحكم الشرعي جاء على خلاف القياس، فكأنه يقول: هذا الحكم جاء على خلاف ما يقرره العقل والنظر والرأي السليم ...
وقد سبق بيان أنه لا تعارض مطلقاً بين العقل الصريح والنقل الصحيح، وأن من قال بالتعارض بينهما فقد وقع في الابتداع ...
الثاني: أن القياس الصحيح هو الميزان، كما قال تعالى:[الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان - إلى قوله - والسماء رفعها ووضع الميزان] ، قال ابن القيم:(والميزان يراد به العدل، والآلة التي يعرف بها العدل وما يضاده، والقياس الصحيح هو الميزان، فالأولى تسميته بالاسم الذي سماه الله به، فإنه يدل على العدل، وهو اسم مدح، واجب على كل واحد في كل حال، بحسب الإمكان ... ) .
وقال ابن تيمية:(والقياس الصحيح من باب العدل فإنه تسوية بين المتماثلين وتفريق بين المختلفين ... ) .
فإذا تقرر أن القياس الصحيح هو الميزان وأنه من العدل، تبين ما في قول هؤلاء من شناعة وذلك حين يقولون بأن من أحكام الشريعة ما جاء على خلاف القياس.
الثالث: قولهم: إن الحكم الشرعي الفلاني جاء على خلاف القياس مردود بأحد هذه الاحتمالات:
الأول: أن يكون النص الشرعي الذي ثبت به هذا الحكم غير صحيح.