واعتنق بسببه مذهب الاعتزال، وبلغ فيه الغاية، ثم إنه كان يورد الأسئلة على أستاذه في الدرس، فلا يجد فيها جواباً شافياً، فكان ذلك سبب مراجعته لمعتقده، إذ عارض مسائل الكلام بما في القرآن والسنة، فوجد بينها بوناً شاسعاً، فأثبت ما وجد من أدلة الاعتقاد بالنص، ونبذ ما وراء ذلك، ثم خرج على الناس في البصرة، وعلى منبرها فأعلن توبته من اعتقاد المعتزلة، وأظهر للناس فضائح المعتزلة وقبائحهم، وكانت له مناظرة مع الجبائي في القدر، ألزمه فيها بقول أهل السنة وأفحمه حتى انقطع الجبائي، وقد ألف في أوبته هذه كتاب (الإبانة عن أصول الديانة) أبان فيه مسلكه في الاعتقاد، وأظهر فيه طريقته فقال:(قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا - عز وجل - وبسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به ابو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته - قائلون، ولمن خالف قوله مجانبون لأنه الإمام الفاضل، والرئيس الكامل، الذي أبان الله به الحق ودفع به الضلال، وأوضح به المنهاج، وقمع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائفين وشك الشاكين..) .
إلا أن الأشعري (لما رجع عن مذهب المعتزلة سلك طريقة ابن كلاب، ومال إلى أهل السنة والحديث، وانتسب إلى الإمام أحمد، كما قد ذكر ذلك في، كتبه كلها كالإبانة، والموجز، والمقالات، وغيرها، وكان مختلطاً بأهل السنة والحديث كاختلاط المتكلم بهم..".
ولذلك فإنه يعد من متكلمي أهل الإثبات، ومن متكلمة الصفاتية، ويعتبر من أقربهم إلى السنة وأتبعهم لأحمد بن حنبل.