ورجحوا آراءهم، وجعلوها مساويةً للنصوص الشرعية، أو أعلى منها درجة ودلالة، بل ربما جعلوا عقولهم وأذواقهم هي الأساس والأدلة الشرعية للتعضيد والاستئناس.
قال ابن القيم:(وكان السلف يسمون أهل الأراء المخالفة للسنة وما جاء به الرسول في مسائل العلم الخبرية، وأهل مسائل الأحكام العملية يسمونهم أهل الشبهات والأهواء؛ لأن الرأي المخالف للسنة جهل لا علم، وهوى لادين فصاحبه ممن اتبع هواه بغير هدى من الله، وغايته الضلال في الدنيا والشقاء في الآخرة..) .
وقال شيخ الإسلام:(وأصل الضلال: اتباع الظن والهوى..) .
وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: (إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا) .
وهذا هو دأب أهل البدع، يضعون أهوائهم أولاً، ثم يطلبون الأدلة عليه من الشرع وكلام العرب، بعكس أهل الحق فإنهم يضعون الدليل أولاًن ثم ينقادون له فيعتقدون ويحكمون بعد ما يستدلون.
وأهل الأهواء إذا وجدوا الأدلة على خلاف ما يعتقدون، أولوها وحرفوها وصرفوها عن حقيقة معناها.
كما فعل المعتزلة في الأدلة المخالفة لأصولهم الخمسة، وكما فعلت الجهمية في آيات الصفات.