حيث يتوهمون أن العبودية مجرد ذل وخضوع فقط لا محبة معه، أو أن المحبة فيها انبساط مع الأهواء، أو إدلال لا تحتمله الربوبية ... ) .
ثم نقل عن بعض السلف قوله:(من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد.
فأصل العبادة عند السلف ومن افتقى أثرهم، تتجاوز المعنى اللغوي الذي يدل على أصل استخدام لفظة (الدين والعبادة) إلى معنى آخر مأمور به من الشرع الحكيم.
قال شيخ الإسلام بعد أن ذكر الأصل اللغوي للدين والعبادة:(لكن العبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب فهي تتضمن غاية الذل لله بغاية المحبة له) . وقال:(والإله هو المعبود الذي يستحق غاية الحب والعبودية بالإجلال والإكرام والخوف والرجاء ... ) .
وينص ابن القيم - رحمه الله - على أن:(العبادة تجمع أصلين غاية الحب بغاية الذل والخضوع) .
ودعائم هذه العبادة التي تنتظم أعمال الإنسان كلها: القلبية، والعملية الفردية والجماعية: المحبة والخوف والرجاء.
وقد جعل ابن القيم هذه الثلاث في قلب المؤمن: ( ... بمنزلة الطائرة فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائرة، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد.